Site icon IMLebanon

تصفية عهد عون في سنته الأخيرة بدأت والهدف إنهاء مسلّمة الرئيس القوي

 

الحريري مقتنع بالإعتذار.. و3 اعتبارات جعلت بري يتصدّر التفاوض الحكومي

 

إكتمل الإصطفاف مع تظهير رئيس المجلس النيابي نبيه بري دوره في تصدّر التفاوض الحكومي بالنيابة عن الرئيس المكلف سعد الحريري، الذي ارتضى أخيرا أن يكون في دور المتلقي، مسلّما كليا مصيره الى راعيه، رئيس البرلمان.

 

وكان لافتا في هذا السياق، ما نقل في الساعات الأخيرة عن الحريري قوله لزواره انه بات على قناعة بضرورة الإعتذار، خصوصا إذا ما أدى ذلك الى تعبيد المسار الحكومي. لكنه قرر التريّث قليلا لأنه لا يريد إغضاب رئيس المجلس.

 

ليس خافيا ان بري تنكّب قيادة التفاوض بعدما صار الرئيس المكلف في موقف لا يحسد عليه، نتيجة إنكفائه داخليا وانكشافه خارجيا. هو قرر بنتيجة الخيبات التي حصدها، التنحّي والاستنكاف حكوميا. لكن لرئيس المجلس مقاربة أخرى:

 

– هو أولا، لن يتخلى بيسر عن خياره الحريريّ. سبق أن دفع حسان دياب دفعا الى الإستقالة، ورفض طلب حزب الله والتيار الوطني الحر استئخار إقالة دياب لتنظيم عملية الإنتقال الحكومي، تماما كما رفض إفساح المجال للتفاهم مع الحريري قبل الشروع في المسار الدستوري للتكليف. كان الحزب والتيار بذلك يحاولان التحوّط للسيناريو الكارثي الذي حصل لاحقا بعد التكليف، بفعل 8 أشهر من التعثر في التشكيل والتوغّل في الإنهيار.

 

– هو ثانيا، لا يستسيغ إعتذار الحريري، في حال وقعت الواقعة، قبل ترتيب المرحلة التي تلي. بمعنى أنه لن يعطي الضوء الأخضر للحريري قبل أن يحسم الخيار الذي يتيح له أن يكون عراب الرئيس المقبل للحكومة، تماما كما فعل إبان تكليف حساب دياب، فكان العرّاب والمقرِّر قبل أن يعود عن خياره فيقيله.

 

في المشهد اللبناني- السوري ماذا عن العلاقة السيئة بين القيادة السورية ورئيس المجلس

 

– هو ثالثا، يقود بوضوح مهمة تصفية عهد ميشال عون في سنته الاخيرة، رغبة منه في إنهاء مسلّمة أن تؤول رئاسة الجمهورية الى الأقوى بين الموارنة، وتاليا أن يكون هو عرّاب الرئيس المقبل، كي يقطع الطريق على أي تجربة مشابهة لرئاسة عون. وليس سرا أن سليمان فرنجية هو مرشحه الأول، بعد رحيل النائب جان عبيد. هذا الواقع يفترض حكما أن يكون أي رئيس للحكومة من ضمن المنظومة التي يخطَّط لها أن تحضّر الطريق أمام العهد الرئاسي المقبل. وليس خافيا في هذا السياق أن رئيس المجلس لم يكن ينتظر بيان رئاسة الجمهورية لكي يعلن بكل وضوح جهاده الأكبر ضد الرئيس، ويطلق فوهات مدفعيته على القصر، ويرسم اصطفافا خطرا وحساسا ودقيقا وواضح المعالم، ويسقط صفة الحيادية والموضوعية التي يفترض أن يتّسم بها الوسيط. هو سبق أن اتخذ قرار الإستهداف منذ مدة، لتكتمل عناصره مطلع الأسبوع، ومن ثم أتى بيان الرئاسة ليشكّل الشرارة المباشرة.

 

لكن هل رسم مسار رئاسة ما بعد ميشال عون بهذا اليسر؟ وهل يملك رئيس البرلمان مفتاح بعبدا؟ وهل سيكون اللاعب الرئيس في المرحلة المقبلة؟

 

مروحة من الأسئلة تكتسب مشروعيتها، خصوصا بفعل ما هو متوقّع من تطورات دراماتيكية إقليمية:

 

أ- مع قرب الكشف عن الاتفاق النووي الجديد الذي سيسلك طريقه أسابيع بعد الانتخاب المتوقع للمحافظ ابراهيم رئيسي. وهو واقع سيفرض نفسه بتأكيد مسؤولين أميركيين وإيرانيين على حد سواء، وسيعيد ترسيم الخريطة السياسية في الإقليم وتوزّع مناطق النفوذ والتأثير.

 

ب- ومع خلط الأوراق الحاصل في العلاقات البينية العربية، الذي سيفرض واقعا لبنانيا مختلفا في سنة ونيف متبقية من عهد عون، أولها وربما أبرزها عودة التأثير السوري، السياسي بالتأكيد لا العسكري، مع بدء الولاية الجديدة للرئيس بشار الأسد.

 

وليس خافيا سوء العلاقة بين القيادة السورية ورئيس المجلس، وما ينقل من كلام عالي السقف مقرون بتحفظ عن الدور والموقف والموقع ومستقبل العلاقة. وآخر تجليات هذا الواقع موقف القيادة السورية من اتصالي التهنئة، سواء ذلك المباشر أو الذي أريد أن يكون بالواسطة. المحاولتان تعثّرتا، والمرحلة المقبلة ستظهّر الكثير في هذا المشهد اللبناني – السوري المعقّد.