عند الحديث عن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، فإنَّه لا بدَّ من استحضار التاريخ والحاضر والمستقبل في آن:
فخامته له في التاريخ وله في الحاضر وله في المستقبل.
تاريخه، من قيادة اللواء الثامن في الجيش اللبناني، إلى قيادة الجيش، إلى رئيس الحكومة الإنتقالية، إلى المنفى، ثم إلى العودة على رأس أكبر كتلة نيابية مسيحية في تاريخ مجالس النواب في لبنان، ولدورتين متتاليتين، إلى رئيس مع وقف التنفيذ عام 2008 حين قيل له:
أنت صانع رئيس الجمهورية بدل أن تكون رئيس الجمهورية، إلى العام 2016 حين أصبح رئيساً للجمهورية.
تخصصه في سلاح المدفعية علَّمه أنَّه لا يجوز التفريط بأيّة طلقة ربما تكون الوحيدة أو الأخيرة، يعرف جيداً كيف يصوّب على الهدف، ومتى يُطلق طلقته.
وقوة الرئيس ميشال عون أنَّ مساره تصاعدي، فالنكسات في حياته لم تكن سوى محطات للتحضير لوثبة جديدة، ولو لم يكن كذلك لَما عاد إلى قصر بعبدا بعد ستة وعشرين عاماً من مغادرته له، هو في هذا المجال فريدٌ لا بل الوحيد بين القادة في العالم الذي حفظ مثابرته في قلبه وعقله، فأثمرت هذه المثابرة أن يكون رئيساً للجمهورية بعدما أخَّره القدر ربع قرن وأخَّرته الظروف السياسية في البلد عامين ونصف عام.
يعرف الرئيس ميشال عون أنَّ الناس الذين مشوا معه في السراء والضرَّاء، يريدون منه أن يحقّق لهم طموحاتهم، ولو كانوا يعرفون أنَّ غيره يحقّق لهم هذا الطموح لكانوا مشوا معه، لكنهم مع غيره انتقلوا من خيبة إلى خيبة ومن كآبة إلى كآبة.
اليوم الرئيس ميشال عون أمام تحدٍّ كبير وجديد، يضع البعض العراقيل بوجه ولادة حكومة العهد الأولى للإنتخابات:
ساعةً بتوزيع الحقائب، وحيناً بِما ورد في محاضر الطائف، ثم بالتمسك بإعطاء الحلفاء من حساب الغير وليس من حساب مَن يَعِد، وكلُّ ذلك بسبب قرارعدم التسهيل.
ولكن هل سينتظر العماد ميشال عون إلى ما لا نهاية؟
هناك عدة سيناريوهات مطروحة:
السيناريو الأسهل وهو الإتفاق على التشكيلة وبالتالي إصدارها.
السيناريو الأصعب وهو قرارٌ من الرئيس عون ومن رئيس الحكومة المكلَّف إن وافق بإصدار التشكيلة، وعندها ليرضَ مَن يرضى وليَحْرَد مَن يحرَد.
لكن هل هذا السيناريو ممكن؟
تيار المردة، وحتى إشعار آخر، متسمكٌ بحقيبة من الحقائب الثلاث:
الأشغال أو الطاقة أو الإتصالات، إذا أُعطي أيّة حقيبة رابعة غير واحدة من تلك الحقائب، سيستقيل فوراً، وعند استقالته لن تدخل حركة أمل من دون تيار المردة إلى الحكومة، ولا ندري ما سيكون موقف حزب الله، عندها هناك أزمة كبيرة في البلد:
مكوِّنٌ أساسيّ في البلد خارج الحكومة.
في هذه الحالة، ماذا يمكن أن يحدث؟
يبدو أن الرئيس المكلف سعد الحريري قد حسم موقفه بالقول بعد لقائه الرئيس ميشال عون رداً على سؤال:
نحن مع الرئيس بري ظالماً كان أم مظلوماً.
وللبحث صلة.