IMLebanon

الرئيس عون قد يزور سوريا اذا لزم الامر

 

لن تتوقّف مسيرة «إعادة النازحين السوريين الى بلادهم»، عند خلاف سياسي نشب في الجلسة الأولى لمجلس الوزراء الجديد، بين مكونّات ترفض التواصل مع السلطات السورية من أجل تأمين عودة آمنة لهؤلاء الى مناطقهم، وبين فريق سياسي يريد التواصل مع دمشق لعودة آمنة ايضا، لا سيما وأنّ تداعيات هذا النزوح كانت كبيرة على الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية والأمنية في لبنان. ويهمّ هذا الفريق تأمين مصلحة لبنان أولاً، وإنقاذه من الأعباء الجمّة التي يتكبّدها جرّاء استضافة النازحين على أرضه، والتي تصل الى نحو 7.5 مليار دولار سنوياً، فيما هو لم يعد قادراً على تحمّلها… ولهذا، قرّر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أخذ أمر إعادة النازحين السوريين على عاتقه، كونه «حامي الدستور وحامي الشعب»، على ما أكّد البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي خلال تأييده موقف الرئيس عون بشأن النازحين السوريين. علماً أنّه كلّف مدير عام الأمن العام اللواء عبّاس ابراهيم، في وقت سابق القيام بهذه المهمة، وقد نجح حتى الآن، في إعادة نحو 173 ألف نازح سوري الى بلادهم، على دفعات.

 

وبناء على هذا القرار، فإنّ الرئيس عون سوف يُكثّف طرح موضوع إعادة جميع النازحين السوريين الموجودين في لبنان، والذي يصل عددهم الى مليون ونصف مليون نازح سوري الى بلادهم، على ما أكّدت أوساط ديبلوماسية في بيروت، مع كلّ المسؤولين الدوليين أو الموفدين الذين يزورون قصر بعبدا، على غرار ما ابلغه للممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمن المشترك في الإتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني بأنّ لبنان يواصل العمل لإعادة النازحين السوريين الى المناطق الآمنة من دون انتظار حلّ سياسي قد يطول، كما أكّد حرصه على عدم تعريض العائدين منهم لأي مخاطر، مشيراً الى قدرة الإتحاد الأوروبي على التأكّد من ذلك ميدانياً. وشدّد أيضاً على ضرورة مساعدة الإتحاد الأوروبي، كما المجتمع الدولي لحلّ هذا الملف، وعدم ربطه بالحلّ السياسي الشامل للأزمة السورية.

 

فبعد الآن لن يكون من مجال لأي تهاون لحلّ هذا الملف الشائك، على ما أضافت الاوساط، حيث يتكبد لبنان خسائر مالية طائلة سنوياً فيما يرزح هو تحت العجز والديون، كما تسبّب بارتفاع نسبة الفقر لدى أكثر من 300 ألف لبناني، وزاد من نسبة البطالة في صفوف الشباب اللبناني الى 35 %، بحسب تقديرات البنك الدولي. ولهذا فإنّ الرئيس عون، كما كشفت الأوساط نفسها، سيقوم لاحقاً بسلسلة خطوات يجد أنّها تفيد لبنان في وضع ملف «عودة النازحين السوريين الى بلادهم»، على السكّة الصحيحة والسريعة.

 

وفي حال لزم الأمر قد يقوم الرئيس عون شخصياً بزيارة الى سوريا لوضع النقاط على الحروف فيما يتعلّق بملف النزوح، على ما ألمحت الاوساط، لا سيما بعد أن وعد في بيان القسم على حلّ هذا الموضوع في عهده، وبعد أن وعدته إيران أخيراً بلعب دور في المساعدة على إعادة النازحين السوريين الى بلادهم، وقد جاء ذلك على لسان وزير خارجيتها محمد جواد ظريف الذي زار لبنان أخيراً (قبل إعلان استقالته من منصبه)، وتحدّث عن إمكانية تنسيق طهران مع النظام السوري لإزالة كلّ العوائق التي لا تزال تُعرقل رغبة بعض النازحين بالعودة من لبنان الى مناطقهم السورية.

 

وتقول الاوساط، بأنّه إذا كان المجتمع الدولي لا يزال يتقاعس حول هذا الأمر، ويربطه تارة بالحلّ السياسي للأزمة السورية، وطوراً بإعادة الإعمار التي لا يُمكن أن تحصل، من وجهة نظره، إلاّ بعد الإنتقال السياسي للسلطة، وإلاّ، فإنّ العودة من شأنها حالياً تعويم النظام السوري، الأمر الذي ترفضه دول خارجية عدّة وتصرّ على مساعدة الدول التي تستضيف النازحين لإبقائهم فيها، وإن كانت المساعدات غير كافية لهم.. إلاّ أنّ لبنان لا يُمكنه الإنتظار أكثر، فالقضية الفلسطينية وتداعياتها عليه لا تزال ماثلة أمام أعين المجتمع الدولي منذ 71 عاماً. ويعلم الرئيس عون بأنّ هذه العودة تحتاج الى معالجة جديّة تأخذ في الاعتبار ضرورة تأمين العودة الآمنة والكريمة للنازحين الى المناطق السورية المستقرّة، ولهذا فهو يبحث عن أي مساعدة خارجية للبنان في هذا المجال.

 

ولا يضع الرئيس عون المبادرة الروسية خارج إطار حسابات تأمين العودة، سيما وأنّها قائمة منذ تموز الماضي، من أجل مساعدة لبنان وسائر الدول المضيفة للنازحين واللاجئين السوريين، وقد رحّب بها البيان الوزاري للحكومة الجديدة التي تولي ملف النازحين أهمية خاصّة ولهذا عيّنت وزيراً لمتابعته، وذلك بهدف تفعيلها، وهذا ما يجب أن يحصل سريعاً من خلال تسريع عمل اللجنة اللبنانية- الروسية المشتركة.

 

وشدّدت الاوساط، على أنّ ملف النازحين تحوّل الى موضوع كياني ووجودي للبنان، والى أمن قومي، نظراً للتداعيات الأمنية والإقتصادية والإجتماعية عليه جرّاء النزوح السوري اليه منذ سنوات، ولهذا يوليه الرئيس عون الأولوية القصوى، وقد أخذه على عاتقه لينطلق نحو إيجاد الحلول المناسبة له مع انطلاقة الحكومة الفعلية، التي أرادها للعهد. ومن هنا، سوف يجري التشديد من الآن وصاعداً على العودة الآمنة للنازحين السوريين الى بلادهم أمام الزوّار والموفدين الأجانب الى لبنان، وليس على «العودة الطوعية» لأنّ من شأنها أن تجعل الكثيرين منهم يُقرّرون البقاء في لبنان، من دون أن يكون البلد قادراً على استقباله أو استيعابهم، سيما وأنّ وجودهم فيه يؤدّي الى انهياره إقتصادياً شيئاً فشيئاً.

 

وتقول الاوساط، بأنّ رغبة أكثر من 889 الف نازح سوري في لبنان من أصل نحو 950 ألف مسجّلين لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالعودة الى بلادهم، يجب البناء عليها مع المجتمع الدولي، سيما وأنّها غير موجودة في نفوس النازحين السوريين الى دول أخرى. ما يعني بأنّهم يريدون التخلّص من الوضع الإقتصادي السيئ الذين يعيشون فيه على أرض لا يُمكنها أن تُقدّم لهم أكثر ممّا قدّمت خلال السنوات الماضية لضعف إمكاناتها وليس لعدم رغبتها بالمساعدة، فضلاً عن أنّ قرب المسافة الجغرافية بين لبنان وسوريا تجعل عودتهم سريعة وآمنة وغير مكلفة، مقارنة مع عودتهم من الدول البعيدة، كالدول الأوروبية أوبعض دول أميركا اللاتينية مثل البرازيل والأرجنتين..

 

فالمجتمع الدولي لا يريد تحمّل مسؤولياته في هذا الملف، على ما لفتت الاوساط، كونه محكوم من الولايات المتحدة الأميركية التي رفضت المبادرة الروسية لإعادة النازحين السوريين الى بلادهم، كما رفضت المساهمة في صندوق دعم العودة، لكنّ المصلحة اللبنانية تقضي بالترحيب بأي مبادرة أو يدّ مساعدة لإيجاد الحلول المناسبة للعودة. فالمماطلة في معالجة هذا الملف ستأتي بنتائج أسوأ على لبنان وشعبه، ولهذا فإنّ الرئيس عون سوف يتصرّف من خلال التواصل مع الدولة السورية كونه لا يُمكن حلّ هذا الملف بعيداً عنها، ومطالبتها بالتالي بدعوة النازحين للعودة الى مناطقهم السورية مع إعطائهم الضمانات اللازمة، الأمر الذي من شأنه أن يصبّ في مصلحة الشعب اللبناني، وإنقاذ الإقتصاد اللبناني الذي يُسجّل تراجعاً كبيراً، فضلاً عن مصلحة النازحين السوريين وتأمين عودتهم الآمنة الى حياتهم الطبيعية في بلادهم.