اسبوع “عاجق” بالمحطات ، بدأ بجلسة انتخاب كرّست الفراغ المحتم، وينتهي باسدال الستارة على ست سنوات من اصعب العهود في تاريخ الجمهورية، وعد سيده باكمال المسيرة من الرابية، بعدما ارتدى القصر الجمهوري حلة بيت الشعب ، تماما كما يوم وصول الجنرال الى بعبدا. وبين المحطتين ، توقيع اتفاقية الترسيم البحري مع “اسرائيل” رسميا، مرورا بمغادرة قافلة نازحين سوريين عائدة الى بلادها . استحقاقات تحصل وسط اجواء ضاغطة وقاتمة سياسيا ومعيشيا واقتصاديا وحتى صحيا، تبشّر كلّها بمرحلةٍ صعبة مقبلة، لا حسيب ولا رقيب ولا ضابط لها سوى حاكم في الحمرا وعماد في اليرزة ، في شراكة لا مجال للمضاربة في زمن حكم الشغورٍ الحكومي وخطورة سجالاته الطائفية و”الدستورية” التي بدأت تباشيرها منذ الآن.
وفيما الانظار متجهة الى الساحة المسيحية، عشية انتقال الرئيس من القصر الى منزله في الرابية، بما يمكن ان يتخلله من مناوشات او اشكالات بين الـ “مع” والـ “ضد”، علم ان رسائل امنية وصلت الى المعنيين تحذر من مغبة تحريك المناصرين، لأن اي خطوة من هذا النوع ستواجه بقوة، ما دفع باحزاب المعارضة الى التعميم على مناصريها ومحازبيها تجنب الاحتكاك مع “العونيين”، لان ذلك قد ينعكس سلبا على الاستقرار ويشكل ذريعة لتفجير الاوضاع .
مصادر مواكبة لمغادرة الرئيس عون، اكدت ان الاخير سيوجه يوم الاحد رسالة الى اللبنانيين يشرح فيها ما ينتظرهم حكوميا مسلما اياهم مقاليد الفراغ، على قاعدة “اشهد اني بلغت”، علما ان مواقفه لن تختلف عن تلك يطلقها يوميا وتباعا امام الوفود العونية التي تؤم القصر الجمهوري لوداعه والتقاط الصور التذكارية معه، حيث ما زال على لوائح الانتظار اكثر من سبعين وفدا من مختلف المناطق والقطاعات،على ان تكون له اطلالة من الرابية يرسم فيها مسار “الرئيس السابق” وتموضعه السياسي الجديد.
وفيما انجز رئيس الحكومة كل الترتيبات لتمثيل لبنان في القمة العربية كرئيس للوفد الرسمي، مطمئنا الى ان حكومته محصّنة دستوريا وقادرة على ادارة البلاد في فترة الفراغ الرئاسي، اشارت المصادر الى ان راحة “الميقاتي” سببها الاساس تعهد حارة حريك بانها لن تسمح لاي فوضى في البلاد، او نقل الاحتقان السياسي الى الشارع، على قاعدة بقاء الميقاتي بحكومته الحالية من جهة، وعدم كسر الشوكة المسيحية “بالضغط” على الرئيس عون لتشكيل حكومة من خارج قناعاته.
رئاسيا، الوضع ليس افضل حالا، مع اصرار الافرقاء على لعب لعبة الفراغ ، وتطيير جلسات الانتخاب من خلال استخدام “فيتو النصاب” في الدورة الثانية، خصوصا ان اصوات النائب ميشال معوض باتت متقاربة جدا مع الاصوات البيضاء، فيما تدور معركة “تناتش” بين الرابع عشر من آذار والثامن منه لمحاولة اقناع “التغييريين” ونواب تكتل “الاعتدال الوطني” وعدد من النواب المستقلّين، لدعم مرشح كل منهما، دون جدوى حتى الساعة، وان رأى البعض في “هزة التغييريين” بوادر ايجابية .
وضع عززه وفقا لاوساط ديبلوماسية، الصورة الخارجية التي لا تعكس استعجالا او توجها نحو اي مبادرات مرتبطة بالملف الرئاسي اللبناني، رغم ضجيج بيانات التمني الخجول و”قرقعة” الحركة الفرنسية، خصوصا ان الجهود الاميركية والفرنسية تركز في هذه المرحلة على الملف الاوكراني وتداعياته على المجتمع الدولي.
وتتابع الاوساط ، بان الاوضاع ستبقى مضبوطة، ولا مخاوف من انفلات الامور وفقدان السيطرة، بدليل اعلان غالبية الاطراف المؤثرة داخليا عن رغبتها بالاتجاه نحو التوافق على رئيس يحظى بتأييد الغالبية العظمى من النواب والاطراف السياسية، مشيرة الى ان الكواليس تشهد عملية غربلة لعدد من الاسماء الجدية، القابلة “للتمريق”، وفي هذا الاطار تندرج زيارة السفيرة الفرنسية الى بكركي ، التي وصفتها الاوساط بالمهمة والتي يمكن البناء عليها.