Site icon IMLebanon

19 رئيساً عرفهم لبنان منذ 1926.. بينهم 6 في زمن الانتداب -6-

 

بشير الجميل الرئيس السابع… لكنه لم يحكم

 

 

حددت المادة 73 من الدستور المهلة الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية، وفق النص الآتي: «قبل موعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية بمدة شهر على الأقل أو شهرين على الأكثر يلتئم المجلس بناء على دعوة من رئيسه لانتخاب الرئيس الجديد، وإذا لم يدع المجلس لهذا الغرض فإنه يجتمع حكما في اليوم العاشر الذي يسبق أجل انتهاء ولاية الرئيس»، مما يعني انه مع حلول الأول من أيلول المقبل، يمكن لرئيس مجلس النواب أن يحدّد جلسة انتخاب الرئيس الجديد في لبنان.

منذ أول رئيس للجمهورية في العام 1926 في زمن الانتداب الفرنسي (1918 – 1943)، حتى الآن عرف لبنان 19 رئيسا كان أولهم شارل دباس وآخرهم ميشال عون.

 

في العام 1982، وهو عام الانتخابات الرئاسية، كان لبنان قد صار على خط الزلازل، لكن الاستحقاق الرئاسي ظل له حضوره، وبدأ طرح الأسماء التي يمكنها أن تخلف الرئيس إلياس سركيس، ويؤكد العميد غابي لحود انه في مطلع ذلك العام قال السفير الأميركي للرئيس سركيس: «أتمنى عليك أن تفكر مجددا في موضوع ولايتك، فربما تحتاج البلاد الى وجودك سنة إضافية أو اثنتين، على أمل أن تساعد التطورات على تحريك الحل في لبنان»، فردّ رئيس الجمهورية: أنتم تريدون شخصي أم سياستي؟ أما سياستي فهناك من يستطيع أن يكملها، كما لو أن إلياس سركيس مستمر، وهو غابي لحود « ( مجلة الوسط – العدد342 – 17 آب 1998).

ظلت التطورات في لبنان الى تصاعد، ووقع الزلزال فعلا في الرابع من حزيران، حينما بدأت إسرائيل عدوانها الواسع على لبنان، فصار واضحا أن مسار انتخاب رئيس الجمهورية بدأ يتغيّر، ويشير غابي لحود الى أنه «عندما حصل الاجتياح الإسرائيلي وبلغ حدود بيروت، طلبت من الرئيس سركيس أن يطوي صفحة التفكير به للرئاسة، لأن المعطيات انقلبت»، مؤكدا أن رأيه كان متفقا مع رأي الرئيس سركيس.

أي دور لشارون؟

وكما يؤكد كريم بقرادوني فإن بشير الجميل كان «متأكدا من أن إسرائيل ستقوم بعمل خلال سنة 1982 منذ بدايتها، لكنه لم يكن يملك تصورا واضحا لحجم العملية، وكان يقول لي ان الحكومة الإسرائيلية تتأرجح بين عملية ليطاني ثانية، أي عملية محدودة داخل الجنوب اللبناني، وعملية واسعة تصل الى أبواب بيروت». (لعنة وطن – عبر المشرق للمنشورات – تأليف كريم بقرادوني).

ويقول بقرادوني: انه «بعد أيام خلوت ببشير، فأطلعني على مضمون اجتماع جرى مع ارييل شارون في بيروت، خلال شهر كانون الثاني 1982، في بيته في الأشرفية، وحضره والده بيار الجميل والرئيس كميل شمعون، وعدد من المساعدين. وفي هذا الاجتماع أبلغ شارون الحاضرين أن ثمة قرارا إسرائيليا بتدمير البنية التحتية لمنظمة التحرير الفلسطينية وان البحث يدور داخل الحكومة الإسرائيلية حول عمليتين: واحدة محدودة ذات بُعد أمني تقضي على الآلة العسكرية الفلسطينية في جنوب لبنان، وتصل الى الليطاني، وثانية كبيرة ذات بُعدين أمني وسياسي، تدمر الآلة الفلسطينية لا في جنوب لبنان فقط بل في بيروت أيضا، مضيفا: أن العملية الكبرى تفترض مشاركتكم في معارك بيروت وتتوقف على مدى استعدادكم لتوقيع اتفاق سلام مع إسرائيل، انه خيار صعب لأنه يعني مقاطعة العرب لكم، وعزلكم عن العالم العربي» (نفس المصدر السابق – لعنة وطن).

على أية حال، بدأ الجيش الإسرائيلي اجتياحه للبنان، وأعلن بشير الجميل ترشيح نفسه لرئاسة الجمهورية، بعد أن كان يلوح منذ العام 1981 الى احتمال ذلك، وطرح برناجه الرئاسي وفيه: بسط سيطرة الدولة اللبنانية على كامل مساحة 10452 كيلومترا مربعا، وانسحاب كل الجيوش والمنظمات غير اللبنانية من لبنان.

غابي لحود وأمين وبشير الجميل

ويروي غابي لحود: انه قبيل الموعد الذي حدده الرئيس كامل الأسعد لانتخاب الرئيس الجديد، أخبرني جوني عبده بحضور الرئيس سركيس ان بشيراً متضايقاً جداً من موقف شقيقه أمين، وان الخلاف بين الشقيقين جديّ وحاد، فقد كان أمين يشعر بأنه أولى بالرئاسة، فهو أكبر سناً من بشير ويصنف في خانة المعتدلين. ولديه تجربة نيابية وسياسية. وكان يجري اتصالات مع بيروت الغربية لدعم ترشيحه بدلاً من بشير، اما بيار الجميل، فكان يؤيد وصول بشير، لكنه كان محرجاً في التنازع بين ولديه».

ويؤكد غابي لحود انه تولى إقناع أمين الجميل، فيقول: «قلت للرئيس سركيس، أنا أتولى موضوع أمين، فتدخل جوني عبده وقال: أرجوك، إذا عرف بشير انك اجتمعت بامين فلن استطيع ضمان أمنك، فبشير ناقم على أمين، ويمكن ان يذهب في قراره إلى النهاية، لو تضمن انك تستطيع إقناعه نحاول، لكن أمين عنيد ومحاذير الفشل كبيرة جداً، فقلت له: دعني أخاطر».

يتابع غابي لحود: «اتصلت بأمين، فجاء إلى القصر واجتمعنا في الغرفة التي أنام فيها في جناح الضيوف، فقلت له كنت اعتقد ان خلافك مع بشير مناورة، لكنني تأكدت الآن انه خلاف حقيقي، فأكد وجود الخلاف، وتبسّط في شرح موقفه، معدداً مآخذه على الرئيس سركيس وجوني عبده لجهة اقفال أبواب القصر في وجهه، وفتحها على مصراعيها لبشير، مذكراً التباين الفاضح في مواقفهما من العهد، فبينما هو (أي أمين) يؤيد تأييداً كاملاً الرئيس ويدافع عن سياسته، يتخذ بشير موقف تهجم وتجريح، فقلت له: أترك الماضي ودعنا نتحدث عن الحاضر، حظوظك في الوصول في الظروف الحالية، مساوية لظروفي أنا، أي لا شيء، فالوضع القائم على الأرض يفرض بشيراً، وهذه المرحلة ليست مرحلتك، سأقول لك كلمتين: أنا لا أعرف بشيراً لكنه سيصل إلى الرئاسة، وأنا معتاد على المجيء، إلى القصر، وأريد أن استمر، وخصومتك مع بشير ستمنعني من المجيء، ناهيك عن كونك بموقفك هذا تقدّم هدية إلى الذين يرغبون في تبييض صفحتهم مع بشير ولا يعرفون كيف يلجأون الآن إلى التهجم عليك، تماماً كما كان هناك في السابق من يأتي إلينا ويهاجم كميل شمعون للحصول على شهادة حسن سلوك منا، انا اريد ان اجيء الى القصر لأرى شقيق الرئيس، فأستقبل بحفاوة، لا ان اتعرض للبهدلة بهذه الصفة، ويقفل باب القصر في وجهي» (مجلة الوسط – العدد342  – 17 آب 1998 ).

بأي حال، صار بشير الجميل المرشح الوحيد لانتخابات رئاسة الجمهورية التي حددها الرئيس كامل الأسعد يوم 23 آب 1982 في المدرسة الحربية في  الفياضية، وتم فيها انتخاب بشير رئيسا للجمهورية وكان له من العمر 34 عاما، وهو الرقم 7 في لائحة تعداد رؤساء الجمهورية في عهد الاستقلال، وقد نال الرئيس المنتخب 57 صوتا مقابل خمس أوراق بيضاء في الدورة الثانية، بعد أن كان قد نال في الدورة الأولى 58 صوتا مقابل ثلاث أوراق بيضاء وورقة باسم ريمون إده.

وكان قد قاطع هذه الجلسة 30 نائبا هم: جميل كبي، رشيد الصلح، زكي مزبودي، صائب سلام، فريد جبران، محمد يوسف بيضون، نجاح واكيم، عبد اللطيف بيضون، علي الخليل، نزيه البزري، البير مخيبر، توفيق عساف، ريمون إده، ناظم القادري، زاهر الخطيب، منير أبو فاضل، أمين الحافظ، باخوس حكيم، رشيد كرامي، صالح الخير، عبدالمجيد الرافعي، عبدالله الراسي، هاشم الحسيني، عبد المولى أمهز، البير منصور، حسن الرفاعي، حسن زهمول الميس، حسين الحسيني، أحمد اسبر، وسليم  الداود.

(يتبع)