نصّت المادة /49/ من الدستور، أنّ رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن. يسهر على احترام الدستور والمحافظة على استقلال لبنان ووحدته وسلامة أراضيه…
بالتالي، الدستور اللبناني منح رئيس الجمهورية دور الحارس والحَكَم والضامن.
دور الحارس يُمارسه رئيس الدولة بالسهر على احترام الدستور والحرّيات العامة. من أجل ذلك صار منحه حق الطعن بدستورية أي قانون يصدر عن المجلس النيابي، وفقاً لأحكام المادة /19/ من الدستور، معطوفة على أحكام القانون الرقم 250 /1993 تاريخ 14/7/1993 المتعلّق بإنشاء المجلس الدستوري.
وأيضاً، مُنح حق توجيه رسائل إلى مجلس النواب، للإضاءة على أي تعرُّض أو مَسّ لأحكام الدستور (الفقرة العاشرة من أحكام المادة /53/ من الدستور).
ضِفّ إلى أنّ الدستور منحه صلاحية حق طلب إعادة النظر في أي قانون يصدر عن مجلس النواب، مرة واحدة، ضمن مهلة محدّدة، سندًا لأحكام المادة /57/ من الدستور.
أمّا دور الحَكَم، فإنّ رئيس الجمهورية يمارسه بصفته رمز وحدة البلاد. فإنّه مَن يَملك صلاحية إصدار مرسوم تسمية رئيس مجلس الوزراء مُنفردًا (عملاً بأحكام الفقرة /3/ من نص المادة /53/ من الدستور) بناءً على استشارات مُلزمة. وكذلك يملك صلاحية إصدار مرسوم تشكيل الحكومة بالإتّفاق مع رئيس مجلس الوزراء (عملاً بأحكام الفقرة /4/ من نص المادة /53/ من الدستور).
مع الإشارة، إلى أنّ العديد من الصلاحيات خسرها رئيس الدولة نتيجة التعديلات الأخيرة والتي طرأت على الدستور، على خلفية «إتفاق الطائف». أهمّها صلاحية حلّ مجلس النواب (المنصوص عنها في المادة /55/ من الدستور) حيث بات هذا القرار مرتبطاً بموافقة مجلس الوزراء، وغير قابل للتحقيق إلاّ بحالات محدّدة ومحصورة لا غير.
أمّا لجهة دوره كضامن، فإنّ الدستور جعل من رئيس الدولة ضامناً للدستور ولإستقلال لبنان ووحدته وسلامة أراضيه.
مما يُفيد، أنّ الدستور اللبناني خصّص رئيس الدولة. وأولاه صلاحيات وأدواراً ومهمّات، جعلت منه الأمين والحارس والحَكَم والضامن والمؤتمن على الدولة ودستورها وقوانينها واستقلالها وسلامة أراضيها ووحدتها.
حتى أنّ الدستور اللبناني خصّص 14 مادة دستورية (من المادة /49/ حتى المادة /63/) لرئيس الجمهورية. فيما لم يُخصّص للحكومة ولمجلس الوزراء إلاّ 9 مواد دستورية لا غير (من المادة /64/ حتى المادة /72/) إظهارًا وتأكيدًا لأهمّية موقع الرئاسة الأولى في النظام اللبناني.
كما ذهب الدستور أبعد من ذلك، فبدأ بتحضير العدّة لانتخاب أي رئيس جمهورية قبل شهرين من انتهاء ولاية الرئيس المنتهية ولايته (المادة /73/ من الدستور) وأجاز اجتماع المجلس النيابي حُكماً في اليوم العاشر الذي يسبق أَجَل إنتهاء ولاية الرئيس، في حال لم يُدعَ المجلس لهذا الغرض. كما لَحَظَ أنّ المجلس النيابي وابتداءً من لحظة خلّو سُدّة الرئاسة لأي سبب كان، يُعتبر مُجتمعاً حُكماً بحُكم القانون لانتخاب الخَلَف (المادة /74/ من الدستور) ويبقى كذلك (هيئة إنتخابية لا هيئة إشتراعية) حتى انتخاب الرئيس الخَلَف على سُدّة الرئاسة (المادة /75/ من الدستور).
كلّ ذلك لنؤكّد أهمّية هذا الإنتخاب وهذا الإستحقاق، وهذا الموقع المتقدّم في النظام اللبناني والحياة السياسية اللبنانية.
واليوم، وعوض الذّهاب إلى جلسة إنتخابات رئاسية دستورية، يدعو إليها رئيس المجلس (بصلاحياته الإدارية) على دورات متتالية، لانتخاب رئيس عتيد للجمهورية. نستعطي المبادرات، ونشحذ همم الدول الصديقة، للإتفاق على اسم رئيسٍ للجمهورية.
فالحوارات لن تُجدي، وطاولات العمل لن تُثمر، وعقد المستديرات لن يُفيد. فالإنتخابات لا تجري إلاّ تحت قبّة البرلمان.
وبالتالي، دعوة الموفد الفرنسي اليوم القيادات إلى عقد حوارات جامعة لن تصل إلى نتيجة. وربما حوارات ثُنائية يجريها مع بعض الأفرقاء تكون أكثر إفادة. والدعوة إلى جلسة إنتخابات مفتوحة أفضل خيار.
فلا سبيل لإنهاء الفراغ إلاّ بالاقتناع أنّ المسار الواجب إعتماده هو المسار الدستوري، واعتماد الآليات الدستورية لا غير. أمّا ما يُروّج ويُسوّق له من دعوات إلى حوارات لن تُقدّم الحلّ، لا اليوم ولا غدًا ولا في قابل الأيام.