Site icon IMLebanon

جلسة إنتخاب الرئيس اليوم… بين الورقة البيضاء وتطيير النصاب

 

أسئلة تبدأ بالنوايا ولا تنتهي بتداعيات الترسيم والتزامن مع البرلمان العراقي

 

تتّجه الأنظار نحو ساحة النجمة اليوم لمعرفة مصير الجلسة الثانية لانتخاب رئيس الجمهورية بعدما فشلت الجلسة الأولى التي إنعقدت في 29 أيلول الماضي في التوصل إلى نتيجة وحصلت المبارزة بين مرشح المعارضة النائب ميشال معوّض والورقة البيضاء وبعض الأسماء والمسمّيات الأخرى.

 

كثيرة هي الأسئلة التي يُمكن أن تُطرح حول هذه الجلسة وتوقعاتها ومنها: هل سيتأمّن نصاب الجلسة؟ ومن هي الكتل والقوى التي يُمكن أن تُشارك أو تتغيّب خصوصاً بعد قرار تكتل «لبنان القوي» و»التيار الوطني الحر» بمقاطعتها احتجاجاً على تحديد موعدها اليوم الذي يصادف ذكرى عملية 13 تشرين الأول 1990 ضدّ العماد ميشال عون؟

 

وهل فعلاً هناك نية لانتخاب رئيس للجمهورية بينما هناك من لا يزال يُعدّ ويُقدّم أوراقاً وطروحات حول برنامج الرئيس العتيد، وآخرها الورقة التي أعلن عنها رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل وبدأ مناقشتها وبحثها مع الأطراف السياسية؟

 

وهل تأمّن التوافق الذي تحدّث عنه رئيس مجلس النواب نبيه بري علناً في الجلسة الأولى من خلال اللقاءات والإتصالات التي يجريها بري علناً وبعيداً من الإعلام؟

 

وهل سيتكرّر سيناريو الجلسة الأولى في التنافس بين الورقة البيضاء ومرشح المعارضة النائب ميشال معوّض؟ لا سيما أن نواب «التغيير» لم يصدر عنهم أو عن مصادرهم ما يُوحي بتغيير في موقفهم الذي تُرجم بالتصويت لسليم إدة في الجلسة الأولى، بينما هناك إتصالات كثيفة تجري مع بعض النواب المستقلين وتكتل «الإعتدال» الذين صوّتوا لمصلحة «لبنان» في الجلسة الأولى، وهناك من هو على صلة وثيقة بهم ويدعوهم الى اتخاذ موقف والخروج من الضبابية واختيار اسم والتصويت له.

 

وهل من علاقة ما بين الإستحقاق الرئاسي واتفاق الترسيم البحري الذي تمّ التوصل إليه مع كيان الإحتلال الإسرائيلي والذي تُنتظر ترجمته خلال الأيام المقبلة؟؟

 

وماذا عن تزامن التوقيت في الدعوة بين البرلمانين اللبناني والعراقي؟ وهل الظروف والمعطيات متشابهة لا سيما أن البرلمان العراقي ما زال يُحاول أن ينتخب رئيساً لبلاده منذ سنة بعدما أجرى العراق إنتخابات تشريعية مبكرة في 10 تشرين الأول2021، تحت ضغط الإحتجاجات الشعبية التي خرجت رفضاً لفساد الطبقة السياسية وتدهور البنية التحتية في خريف العام 2019؟

 

في محاولة الإجابة عن بعض هذه الأسئلة، تتوقع مصادر متابعة عدم تأمين نصاب الجلسة اليوم رغم أن غياب نواب تكتل «لبنان القوي» ليس كافياً وحده لتعطيله، ما يعني أن هناك ربما من يتضامن معهم أو يتغيب لأسباب أخرى مختلفة منها من هو خارج البلاد من النواب، وهذا يعني بطريقة أو بأخرى أن النصاب السياسي لانتخاب رئيس الجمهورية لم يتأمّن بعد.

 

وعلى الرغم من أن التجارب الرئاسية السابقة تُدلّل على أن لبنان يستعين بـ»صديق» خارجي في هذا الإستحقاق وأن هناك من يدعو الى قراءة البيان الثلاثي السعودي الفرنسي الأميركي الذي صدر بشأن لبنان، وشدّد على ضرورة «إنتخاب رئيس يمكنه توحيد الشعب اللبناني والعمل مع الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية لتجاوز الأزمة الحالية»، ورغم بروز هذا التوافق الدولي والإقليمي في ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل وبوساطة أميركية، فإن هناك من يتوقع دخول البلاد شغوراً رئاسياً، قد يدفع لاحقاً لطرح اسم توافقي ربما يكون قائد الجيش العماد جوزاف عون.

 

في المقابل، ترى مصادر معارضة أنه ربما يكون قد حصل تناغم أميركي- فرنسي- إيراني أدى إلى إنجاز اتفاق الترسيم ولكن هذا لا يترك أي تداعيات على الإستحقاق الرئاسي، إلا إذا أراد أحد الأطراف أن يُسقط هذا الأمر ويستخدمه من باب فرض واقع معين، كما سبق وحصل بعد عدوان تموز عام 2006 وصدور القرار 1701 وتوقف أي عمل عسكري ضد إسرائيل وبالتالي تراجع التدخل الإسرائيلي في الشأن اللبناني.

 

وتُذكّر المصادر نفسها بما جرى بعد ذلك في الداخل في 7 أيار عام 2008 وما تلاه في اتفاق الدوحة، محذّرة من أن يكون هناك توجّه مبيت لاستثمار ما بعد الترسيم يكون أبشع وأخطر مما حصل في اتفاق الدوحة لجهة ضرب إتفاق الطائف وتركيبة لبنان المتنوعة.

 

وتؤكد المصادر المعارضة أن ملف الإستحقاق الرئاسي يبقى شأناً داخلياً لبنانياً ولا دخل للخارج به إلا بما نسمح به نحن وبالتالي فإن كرة النار في هذا الملف هي لدى القوى السياسية مع توقع أن يكون مصير جلسة اليوم ما بين الورقة البيضاء وتطيير النصاب من قبل الفريق الآخر الذي يتزعّمه «حزب الله» مع تسجيل ارتياب من صمته تجاه الخلافات المستعرة والمتمادية بين حلفائه والتي ربما تُمهّد لشيء ما.

 

تبقى الإشارة أخيراً إلى أن هناك من يُسوق إلى إعداد دراسة من قبل خبراء في الدستور في لبنان وفرنسا، تثبت عدم دستورية إعتماد ثلثي عدد النواب الذين يتكوّن منهم مجلس النواب كمبدأ دستوري لنصاب الجلسات الإنتخابية.

 

علماً أن الرئيس نبيه بري أكد في الجلسة الأولى أن نصاب جلسات انتخاب رئيس الجمهورية هو دائماً الثلثان (أي 86 نائباً) وهذا الإجتهاد والتفسير الذي يمشي عليه المجلس النيابي ولذلك هو ختم محضر جلسة 29 أيلول وبالتالي فإن جلسة اليوم هي جلسة جديدة، وعليه فإنّ النصاب هو الثلثان ونجاح المرشح في الدورة الأولى يحتاج إلى الثلثين وفي حال لم ينل هذه النسبة من الأصوات وبقي النصاب متوفراً لدورة ثانية أو أكثر يصبح النجاح للمرشح بالنصف زائداً واحداً أي 65 صوتاً شرط أن يكون الحضور داخل القاعة 86 نائباً على الأقل لكي تفتتح دورة الإقتراع الثانية، وهذا ما حصل في جلسة إنتخاب الرئيس ميشال عون عام 2016 حيث نال في الدورة الأولى 84 صوتاً وجرت دورة ثانية وثالثة بسبب أخطاء في الاحتساب وفاز حينها بنتيجة 83 صوتاً… وطبعاً كان النصاب متوفراً ويتجاوز الحضور داخل القاعة الـ86 نائباً.