يركز حزب الله في اطلالات قادته ونوابه وكوادره، على أهمية وجود سلاح الحزب ودوره الوهاج في تحرير الارض، والحفاظ على سيادة لبنان واستقراره حتى اليوم، وصولا الى حماية حقوق لبنان وثرواته في النفط والغاز المأمول تحت مياه البحر، وما الى هنالك من توصيفات «خارقة»، بينما يلاحظ انه يتجاهل التطرق الى خلاصة تجربة اسلوبه الترهيبي، بمصادرة الحياة السياسية، وفرض انتخاب العماد ميشال عون بقوة هذا السلاح غير الشرعي، بعدما عطل الانتخابات الرئاسية، لمايقارب السنتين ونصف، بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان في ربيع العام٢٠١٤ بالقوة، وقطع الطريق على انتخاب اي رئيس اخر مقبول من معظم الاطراف، وحتى رفض ترشيح حليفه رئيس تيار المردة سليمان فرنجية يومذاك، ومسؤولية الحزب عن الكارثة الاقتصادية والمالية والمعيشية، التي نجمت عن هذه التجربة المدمرة بكل المقاييس.
مع اقتراب موعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون بعد شهرين، يعاد طرح موضوع السلاح غير الشرعي لحزب الله ودوره في الهيمنة على الواقع السياسي بقوة السلاح والتحكم بالاستحقاقات المهمة، ولاسيما انتخاب رئيس جديد للجمهورية، ووجوب التنبه لهذا الدور السلبي والخبيث في تحديد مستقبل لبنان ومصيره، بعد كل الذي وصل اليه البلد من مآسٍ وويلات وخراب، جراء هذا الاسلوب الترهيبي بالسلاح.
تُجسد نهاية عهد ميشال عون الكارثي، فشل اسلوب حزب الله بفرض انتخاب رئيس للجمهورية بقوة سلاح الحزب، كما تأليف الحكومات بالقوة، واستنادا لرغبات وارادة ومصالح الحزب وسياساته التبعية لايران، خلافا لارادة وتوجهات اكثرية اللبنانيين ومصلحة لبنان.
فلولا تدخل الحزب وترهيب الاطراف السياسيين، الموالين والمعارضين، ومنعهم من إجراء الانتخابات الرئاسية الماضية، لما تم انتخاب عون رئيسا، ولو عن طريق المجلس النيابي.
ما يعانيه اللبنانيون حاليا، من فوضى سياسية، وازمات تتراكم يوميا، واصبحت فوق طاقة المواطنين وقدراتهم، يتحمل جانبا اساسيا منها حزب الله، الى جانب حليفه رئيس الجمهورية ميشال عون ووريثه السياسي النائب جبران باسيل، مهما حاول الحزب اخفاء دوره الهدام، بإلقاء مسؤولية الانهيار المالي الحاصل على خصومه التقليديين اوالخارج وتحديدا، الولايات المتحدة الأميركية والغرب عموما.
فالوقائع، تظهر بوضوح تواطؤ وتضامن حزب الله مع حليفه عون في تغطية ممارساته الفاشلة والفاسدة، بادارة السلطة، بتعطيل مؤسسات الدولة، والتحكم بتشكيل الحكومات وتعطيل مهامها اذا كانت تتعارض مع مصالح الحزب الداخلية والخارجية، والسكوت المفضوح عن تجاوزات رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل في تعطيل كل مشاريع النهوض بقطاع الكهرباء، وممارساته بنهب وتدمير القطاع بالكامل طوال السنوات الماضية، والوقوف ضد خصومه، مقابل غض النظر عن ارتكابات الحزب في تفلت السلاح غير الشرعي، واستعمال لبنان منصه لاستعداء الدول العربية الشقيقة والصديقة والتغاضي عن انتهاك القوانين وعمليات التهريب على انواعها.
لن تحجب الاطلالات الاعلامية والخطب السياسية الرنانة للأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، لتظهير المزايا المنفوخة لسلاح الحزب ومؤثراته «الخارقة» في الدفاع عن لبنان والتهديدات التي يطلقها ضد إسرائيل، وللدفاع عن حقوق لبنان وثرواته في النفط والغاز المأمول، في حجب الدور الهدام لسلاح الحزب الايراني في الهيمنة على الواقع السياسي والتحكم بمفاصله، وضعضعة الاوضاع، وتاجيج الخلافات بين اللبنانيين، واستهداف الامن والاستقرار وتخريب علاقات لبنان العربية والدولية.
تكفي الشكاوى اليومية للمواطنين وتصاعد معاناتهم اليومية من فقدان المقومات الاساسية للعيش الضروري من المياه والكهرباء والخبز والمحروقات، حتى في مناطق نفوذ الحزب وداخل بيئته، في نهاية العهد العوني المدعوم من الحزب، كما ظهر مرارا في وسائل الإعلام، للدلالة على فشل تجربة الحزب بمصادرة الحياة السياسية بقوة السلاح الذي يدعي بانه لمقاومة إسرائيل حصرا، خلافا لواقع توجيهه ضد المعترضين.
ولذلك لم تعد تنفع كل اساليب الدعاية الطنانة، للاشادة بوجود السلاح غير الشرعي، ان كان باظهار «محاسنه وقوته»، او تسليط الأضواء على مهمته بمواجهة العدو الاسرائيلي، في تغطية استعماله بالداخل لترهيب الخصوم والامساك بمفاصل السلطة بالقوة، لانه سيؤدي بالنهاية الى تفاقم الاوضاع نحو الأسوأ، والانفجار الشعبي من كل الاتجاهات، ولن تنفع القوة في كبح جماحه مهما كانت متحكمة، وسيكون الجميع متضررا دون استثناء.
لا بد من الاستفادة من التجارب الفاشلة وعدم تكرارها من جديد، تفاديا لمزيد من المخاطر التي قد تهدد لبنان كله.