في الدوحة نقاشات ومفاوضات بالوكالة عن الاطراف ثلاثية الابعاد: تبادل وهدنة وحرب، وفي لبنان الذي ارتبطت ساحة جنوبه بالجبهة الداخلية الفلسطينية، فملفات ثلاثة: رئاسة جمهورية وقيادة جيش والقرار 1701، تقود بشكل او بآخر الى حلها بعض زوايا ما يجري في كواليس الدوحة، وما انتجته من “حرد” سعودي يُبقي المملكة خارج حلبة الحل حتى اللحظة.
واذا كانت قطر الحاضرة في الملف الفلسطيني تواجه مصر، فالدوحة في تحركها اللبناني بدت في سباق مع باريس، التي باتت ديبلوماسيتها تتحرك “اجر عا اجر” الديبلوماسية القطرية بيروتيا منذ ما يقارب السنة، لتتراجع الواحدة مقابل تقدم الثانية، وسط جوقة “الطبيلة والزميرة” لكل منهما، وما تبثه من اخبار وتسربه من معلومات يتفق ومصالحها.
وسط الحراكين، حبل اميركي غليظ تتحرك عليه واشنطن ووكالاتها، يربط فاتحة الطريق امام رسائل ود وبوادر ايجابية تجاه حارة حريك، بهدف حماية مصالحها القومية من جهة، وتخفيف الضغط عن “اسرائيل” من جهة اخرى، رغم ان اوساطا ديبلوماسية في بيروت تجزم ان الادارة الاميركية لم تحسم خياراتها في اي من الاستحقاقات اللبنانية، باستثناء قرارها المبرم بعدم السماح بانزلاق لبنان الى حرب مع “اسرائيل”.
وسط هذا المشهد، وعلى غرار جولاته السابقة، يغادر الموفد الفرنسي بيروت “ايد لا ورا ايد لقدام”، لينكب على اعداد تقريره الذي سيرفعه لخلية الازمة في الايليزيه، والذي وفقا للمطلعين الذين رافقوا محادثاته ، لن يتضمن اي جديد في ظل “الستاتيكو” الذي ما زال قائما ومتحكما بالساحة السياسية اللبنانية، باستثناء معلومة وصلت بالتواتر عبر شخصية لبنانية، افادت بان “خرقا ما” نجح الفريق القطري في تحقيقه خلال وجوده منذ ايام في بيروت، يتقاطع باحد اشكاله مع مضمون المبادرة الفرنسية الاولى.
ووفقا لمصادر مطلعة، فان الدوحة نجحت في احداث تغيير في التوازنات النيابية، من خلال الحديث عن تغيير في موقف كتلة نيابية سنية وازنة، تسمح بتأمين الاكثرية المطلوبة لتمرير انتخاب رئيس، في حال التزمت الاطراف بخوض المعركة ديموقراطيا، وعدم اللجوء الى لعبة التعطيل عبر تطيير نصاب الجلسات.
وتشير المصادر الى ان حارة حريك بدت متحمسة للاتجاه الذي تسير فيه المبادرة القطرية، باعتبارها فرصة ذهبية لتحقيق “انتصار” بغطاء اقليمي في لحظة تاريخية ومصيرية، قد تتغير في اي لحظة لتنقلب معها التوازنات والاتفاقات القابلة للتحقيق اليوم، مستدركة ان الصورة العامة لمسار الاحداث في المنطقة لا تقود في هذا الاتجاه، خصوصا بعد دخول المنطقة مرحلة “الحرب” على خلفية بوابة “طوفان الاقصى”، وخلط الاوراق التي انتج تحريكا للجبهات من اليمن الى العراق وسوريا فلبنان.
اوساط سياسية لبنانية شككت في صحة تلك المعلومات المتداولة عن خرق رئاسي قطري، معتبرة ان حارك حريك “اذكى” من ان تقع في الفخ المنصوب لها، لجهة توريطها في ايصال رئيس الى بعبدا، “عالحفة” رغما عن ارادة المسيحيين، سيتحمل وزر الانهيارات المقبلة في ظل الازمات المتوالدة في المنطقة، وغياب اي جهة مستعدة راهنا لتمويل اخراج لبنان من ازمته، ما يعني عمليا استكمال تحميل حزب الله نتائج الانهيار، الذي بدأ مع عهد الرئيس ميشال عون.
وختمت المصادر بان ما يحكى عن تقدم رئاسي، ما هو الا ذر للرماد في العيون، من قبل بعض مطابخ القرار، لتأمين المخارج اللازمة والاخراج المقبول لتمرير استحقاقات داهمة، وانزال الاطراف جميعها عن الشجرة، في وقت لم يحن فيه بعد وقت اتخاذ القرارات وحسم المسارات.