على رغم كل المظاهر ذات التوتُّر العالي، فإن الانطباع السائد لدى الهيئات الديبلوماسيّة في بيروت، والقيادات اللبنانية المعنيّة، يستبعد نشوب أزمات مقلقة. وتحديداً على الصعيد الأمني.
أما بالنسبة الى التحرّكات السياسيَّة والاحتجاجيَّة، فليس من المتوقَّع تطوّرها الى أبعد من حركتها الطبيعيَّة التي ميَّزت يومها الأول ثم يومها الثاني.
وقد تواصل دورتها في نطاق الاحتجاجات، وما يترتبُّ على بقاء الوضع اللبناني على تسيّبه وتفلّته، لكن المخضرمين لا يضعون أيديهم على قلوبهم. ولا يبدون أية مخاوف ما دام الأفرقاء مصرّين على مواجهة المستجدات بأعصاب هادئة، و… بمزيد من الحوار من أجل الحوار.
وريثما يظهر الخيط الأبيض من الخيط الأسود في سوريا بصورة خاصة، وتنقشع الأجواء والاتجاهات الجدية لدى واشنطن وموسكو.
في هذا الوقت الضائع بدوره، يتساءل وزراء ونواب عن الأسباب التي تمنع المسؤولين المعنيّين من طرق باب الاستحقاق الرئاسي من زوايا جديدة ومختلفة. واستناداً الى الاتجاهات والرغبات التي تبلورت خلال الفترة الأخيرة، وقوبلت بالتشجيع والتأييد من دول عربية وإقليميَّة ودوليَّة.
لم يعد في الإمكان الاعتماد على حكومة تصريف الأعمال، أو تكليفها أية مهمة جدية، بعد مسلسل الفشل الذريع الذي منيت به محاولاتها، ومساعيها، فضلاً عن الدعسات الناقصة والأضرار الفادحة التي لحقت بالوضع اللبناني، خصوصاً أن فصل الربيع بدأ يعدُّ نفسه للعب دوره خلال فترة قصيرة.
لا همَّ يعلو فوق همِّ ملء الفراغ الرئاسي.
ولا موجب لتقديم أي استحقاقات في الوقت الراهن على الاستحقاق الرئاسي. وخصوصاً إذا ما شهدت الساحة السياسيّة تقلّبات تشغل البال، من زاوية ذيول القرارات التي اضطرت الى اتخاذها المملكة العربيَّة السعوديَّة، والدول الخليجية… وما اذا شهدت التدابير دفعة جديدة تنعكس مفاعيلها على مصالح اللبنانيّين العاملين والمقيمين في السعودية والخليج.
هذا هو لبنان اليوم. هذا هو وضعه. لا رئيس جمهوريَّة. لا حكومة فعَّالة. لا مجلس نواب يقوم بواجباته. مجرّد خطوات عادية جداً على مستوى بعض الوزراء من “ذوي” الحقائب الحسَّاسة التي تتّصل حركتها بالحياة العامة ولقمة عيش الناس.
في ما عدا ذلك، جمود. شلل. فراغ. ضياع. قلق معيشي شبه شامل، وقلق على صعيد المؤسسات الخاصة الكبرى التي تعطّلت حركة انتاجها تماماً، فضلاً عن جمود الحالة الاقتصادية والانتاجية بصورة شاملة.
لا شيء يمكن أن يحل محلَّ الاستحقاق الرئاسي. ولا حلَّ يصلح الحال ما لم يقترن بانتخاب رئيس للجمهورية.