أخيراً، خرج الرئيس امين الجميل عن صمته ليشن هجوماً ديبلوماسياً على رئيس القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع ويحمله ورئيس التيار الوطني الحر العماد ميشال عون مسؤولية الفراغ الرئاسي، مطالباً من ناحية أخرى الرئيس تمام سلام باحياء مجلس الخدمة المدنية والتفتيش المركزي، وديوان المحاسبة.
وتأتي هذه المطالبة بعد سلسلة فضائح انفجرت في الدولة خصوصاً قضية النفايات ودفاتر شروط المناقصات وبعض امتحانات الملاك لموظفي الجامعة اللبنانية التي خفضت معدل النجاح الى الفئة الثالثة، من أجل تمرير شقيقة أحد الوزراء الحاليين.
تجربة سيئة
بأي حال، ما يهم الآن هو الهجوم غير المسبوق للجميل على جعجع، للجميل تاريخ متوتر مع عون وجعجع تعود الى تاريخ عهده في قصر بعبدا والذي انتهي بمرسوم يعين الجنرال رئيساً للحكومة والذي سبب خراباً للبلد..
إضافة الى التنافس السياسي القائم بين حزبي الكتائب والقوات اللبنانية وعلى زعامة الشارع الماروني الذي فقد فيه حزب الكتائب حجما غير قليل.
ربما فوجىء الجميل بتأييد جعجع لمنافسه لرئاسة الجمهورية وربما أيضا كان يغطي استمرار الجميل في ترشيحه غير المعلن لرئاسة الجمهورية، لأنه يعتبر نفسه او من المفترض كذلك، أكثر المرشحين اعتدالاً ومقبولاً محلياً وعربياً وربما دوليا، لكن تأييد رئيس القوات لزعيم التيار وتأييد الرئيس سعد الحريري للنائب سليمان فرنجية وضعته خارج المنافسة، او خارج اتفاق الزعماء الموارنة الأربعة الذين اجتمعوا في بكركي.
غياب الاجماع السياسي
لكن الواقع مختلف، اذ ربما يعود استمرار الفراغ في سدة الرئاسة، او أحد أسبابه الداخلية هو فقدان الاجماع المسيحي حول اسم مرشح، فلا عون ولا جعجع ولا فرنجية ولا الجميل بامكانه الحصول على هذا الاجماع الذي تحدث عنه وطالب به كلا من الرئيس نبيه بري ورئيس اللقاء الديموقراطي وليد جنبلاط
من الملاحظ أيضاً ان موقف الجميل أتى بعد تكاثر الأنباء عن امكانية ظهور مرشح للحظة الأخيرة غير مرشحي بكركي او الذين التقوا هناك، ومنهم نجله النائب سامي الجميل او غيره، ولو كان الأمر يحتاج الى تعديل دستوري.
بأي حال، لا مؤشرات على قرب انتهاء أزمة الرئاسة اللبنانية، فالعماد عون مصر على التمسك بترشيحه مدعوماً من حزب الله وهما مستمران بوضع اللبنانيين أمام خيار صعب ومسدود الأفق، أما عون رئيساً او الفراغ.
الأزمة اللبنانية في أغرب الأزمات في العالم ولا مثيل لها، هناك خطب في الدستور الذي فرض اجتماع ثلثي اعضاء المجلس النيابي لتأمين النصاب الذي كان موجوداً في عهد الرئيس أمين الجميل وتم تأكيده في اتفاق الطائف.
استياء الجميل
الرئيس الجميل اليوم مستاء من الوضع، خصوصاً المسيحي منه. فالانقسامات الحاصلة، كما الانقسامات في الطرف الآخر، فرّقت اللبنانيين وسببت وتسبب في استمرار الأزمة التي ارتبطت على ما يبدو بالوضع الاقليمي. ثم انتقلت الأزمة الى داخل حزب الكتائب الذي يمر اليوم بمحنة غير سهلة بعد الطلب من وزيريه الاستقالة ثم فصلهما.