IMLebanon

الرئيس هو الحلّ والردّ!

البيان الموجز جداً الصادر عن انتهاء جلسة الحوار الوطني، ومأدبة الغداء التي أقامها الرئيس نبيه بري للأعضاء المشاركين، خُتِم بجملة موجزة بدورها، ولم تأتِ بجديد: “كان إجماع بعد النقاش على ضرورة تفعيل عمل المؤسسات، وفي مقدمها عمل مجلس الوزراء، لمعالجة القضايا الملحة”.

أما بالنسبة إلى ما تضمّنه البيان عدا هذه الجملة المفيدة، فقد تناول الجريمة الإرهابية التي وقعت في برج البراجنة، واستنكرها جميع اللبنانيّين، مع إعلان التضامن بكل أشكاله، وبكل متطلّباته. وهذا أمرٌ حسن، من شأنه أن يجلو الكثير من الغبار والدخان والالتباس المكدَّس بين بعض الفئات اللبنانية.

حتى الاهتمام بضرورة “تفعيل عمل المؤسسات” جاء في وقته وفي مكانه. إلا أنه من الضروري التساؤل هنا عمّا إذا كان المجتمعون قد تطرّقوا بنقاشهم المفيد إلى وضع مؤسسة أخرى ومهمة، هي مؤسّسة رئاسة الجمهورية المفرغة كليّاً، وليس المعطَّلة فحسب، منذ سنة ونصف سنة.

طبعاً، بوجود الرئيس برّي وسائر المشاركين في الحوار والنقاش والغداء، لا يجوز السؤال عما إذا كان المتحاورون والمناقشون قد مرّوا بالاستحقاق الرئاسي. أو الفراغ الرئاسي. أو “الضياع الرئاسي”، الذي به ومنه ومن الرئيس يبدأ كل شيء. وتبدأ كل المؤسسات، وعملها، وانتاجها، وتوجهها…

فالتفعيل للمؤسسات يجب أن يبدأ من المؤسسة الأولى. والمؤسسة الأولى معطّلة منذ سبعة عشر شهراً. فكيف يمكن المؤسسات الأخرى أن تعمل وتفعل وتعالج القضايا الملحّة؟

نتحدّث هنا عن مضمون البيان، لا عما حصل داخل قاعة الاجتماع، ولا خلال مأدبة الغداء، ولا إذا كان الموضوع الرئاسي قد بُحث فيه أو أتي على ذكره في عين التينة.

المَثَل يقول لا توصِ حريصاً. ومَنْ لنا، وللبنان، وللفراغ الرئاسي، وللفترة الحرجة التي أدركتنا على حين غرة وغفلة، وطعنتنا في الخاصرة التي تُقيم فيها برج البراجنة، أكثر حرصاً من رجل الملمّات والأزمات والأوقات العصيبة نبيه بري؟

كل المعلومات المتبادلة التي وصلت إلينا خلال اليومين الأخيرين أن طاولة الحوار ستركّز في اجتماعها، الذي عقد في عين التينة، على موضوع رئاسة الجمهورية بشكل رئيسي… لاقتناع جميع المرجعيّات والقيادات بأن الفراغ الذي يشلّ كل المؤسسات، وكل لبنان، سببه الأول والأخير الفراغ الرئاسي.

لا يجوز لنا، ولا يحقّ للقيادات المعنيّة وللمسؤولين المباشرين، تجاهل حقيقة العوامل التي تساهم في تحويل لبنان ساحة للارهاب والإجرام، وغابة للفوضى والتسيُّب.

نحن على ثقة تامة من أن العين الساهرة في عين التينة لا تحتاج إلى مَنْ يذكّرها بـ”همّها”، ولا إلى مَنْ يحدّثها عن جرحها.

انتخاب رئيس جديد هو العلاج الوحيد للداء اللبناني المستفحل: حبة صباحاً وظهراً ومساءً و… ليلاً.