IMLebanon

الرئيس الشهيد و«لبننة» حزب الله ذاكرة اغتيال رفيق الحريري)3/3(

 

بُعيد الاغتيال ـ الزلزال شعرنا كلبنانيين بأنّ لبنان يتداعى على رؤوسنا، نحن أيضاً كالرئيس الشهيد لم يخطر لنا ولو للحظة أنّ الحملة العاتية عليه ستؤدّي إلى اغتياله، لم يخطر لنا أن إرهاب النظام السوري قد يتجرّا على هكذا فعلة، بعض الناس نكاد نظنّ أنهمّ أكبر من الموت، كان الخبر أصعب من أن يُصدّق، يومها وفي «سكرة» الحزن، كان غالبُ ظنّنا أنّ بشّار الأسد ومخابراته وحدها نفذّت الجريمة لتاريخ القتل الطويل الذي أذاقه الأسد الأب للبنان، وفي بيوتنا كان السؤال حاضراً دائماً «ما علاقة حزب الله؟ وشكوكنا حامت كثيراً حول معرفته بهذه الجريمة»، ولكنّ حملة تضليليّة انطلقت وتزعمّها أمين عام حزب الله حسن نصرالله سعت لأخذ اللبنانيين وشكوكهم باتجاه آخر، فخرجت أحاديث تلك اللقاءات التي جمعته بالرئيس الشهيد ومطولات «الغرام» و»الودّ» من أهل «التقيّة» عبر التاريخ!!

كان «الجمل بنيَّة، والجمّال بنيّة» كما يقول المثل الشعبي، كان رفيق الحريري قد استيقن أنّه من الصعب تعايش مشروعيْ «هونغ كونغ» و»هانوي»، أو مشروع «الإعمار» و»الدّمار» مع بعضهما البعض، والحريري الذي جال الدّنيا وتباحث مع كبار رؤسائها وعقد تسويات كبرى أنهت حروباً وأوقفت حروباً، اعتقد للحظة أنّه يملك من القدرة والكفاءة لإقناع حزب الله بمشروع الدولة اللبنانيّة، إيران بدورها كانت محتاجة لخلاصة القول في رفيق الحريري ومشروعه، ومقدار إحكام السيطرة على الرّجل الذي تجاوز حجمه بلاداً لا بلداً واحداً، برأيي؛ هذه اللقاءات شكّلت خلاصة التقرير الذي رُفع للإيرانيين بأن الرّجل لا حلّ له ولا معه، بعد مرور عقد من الزمن على اغتيال الرئيس الشهيد، ما يزال دليلنا الأوضح على قتلته هو ما نشرناه على مقالات ثلاثة تحت عنوان «المحكمة الدوليّة ونهاية حزب الله» في 15 و16 و17 كانون الثاني 2014، وقبلها في العام 2010 والعام 2012، واليوم لا بُدّ لنا من هذه الاستعادة لأنها وكوضوح الشمس تكشف أنّ اغتيال رفيق الحريري هو مشروع إيرانيٌّ نفّذ بالتعاون بين رباعي الممانعة الحرس الثوري الإيراني وحزب الله ومخابرات بشار الأسد والنظام الأمني التابع لها في لبنان، إلا أنّ الجهة الحقيقية والمخططة لأدق التفاصيل هي الحرس الثوري والمنفّذ الحقيقي هو حزب الله فرعها في لبنان!!

مساء السبت 26 شباط من العام 2005 أطلّ أنيس النقاش وهو «إرهابي دولي» ورفيق عماد مغنيّة، في حلقة من برنامج بلا حدود من على شاشة الجزيرة مع أحمد منصور وقدّم تحليله لأسباب اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وقال ما حرفيّته: «الرئيس الحريري كان يعتبر أن المنطقة قد سقطت وأن المنطقة يجب أن تعيد ترتيب أوراقها، إعادة ترتيب الأوراق في المنطقة في هذا التفاهم السعودي السوري عندما يتم الاختلاف سيتم هناك طلاق، هذا ما كنت أحاول أن أتفاداه و»ترجيت» المستشار أن ينقل هذه الصورة بأن ينتظروا فقط إلى أيار [تأجيل الانتخابات النيابيّة] (…) قلت له القراءة في المنطقة تختلف تماما عما ترونه، فقال ماذا لدينا شو الموضوع يعني؟ قلت في العراق قراءتكم أن الأميركان انتصروا ويرتبون أوضاع المنطقة والمملكة العربية السعودية تحت الضغوط القاسية جداً، مشيت في هذا البرنامج وقررت أن لا تقف متفرجة أو مسهلة أمور الولايات المتحدة بل عامل فاعل يعني بالمعركة من أجل دعم الجهود الأميركية في السعودية (…) تحدثت معه عن تقارير الولايات المتحدة الرسمية والخاصة في مراكز الدراسات عن فشلهم لكي أقنعه أن الفشل تام وأن عام 2005 هو عام إخراج الولايات المتحدة من العراق وليس عام استقرارهم»!!

وأخطر ما قاله أنيس النقاش: «قلت أنتم لا تعلمون حقيقة الموقف الإيراني ولا تعرفون حقيقة الموقف السوري ولا حقيقة الموقف لحزب الله (…) الإصلاحيون خسروا الانتخابات ودحروا وتبين أن كل تحليلاتهم كانت خطأ، إيران رفعت شعار منذ البداية وقالها علنا الرئيس رفسنجاني في خطبة جمعة الرئيس السابق أنه بعد ستة أشهر من احتلال بغداد ننتظر أن يأتي الأميركان ليسألونا كيف الخروج من العراق، لم يمض ستة أشهر أو ثمانية أشهر وكانت الواقعة واضحة، فرفع شعار الإيراني دعم يأتون دعمهم يموتون لأنه كان يعرف على الأرض تماما وهو أكثر من يملك معلومات أن هناك مقاومة»…

آخر ما أودّ أن أضيفه صبيحة هذا اليوم 14 شباط 2015، وبعيد سنوات عشر على نسف الرئيس الشهيد ورفاقه في قلب بيروت التي أحبّها حتى الموت… منذ سقوط العراق عام 2003 والمنطقة في كباش بين إيران ومخططاتها وأجندتها للمنطقة، وبين المملكة العربية السعوديّة، واحتدم هذا الكباش بشدّة في لبنان منذ أيلول العام 2004 مع صدور القرار 1559، كان المشروع الإيراني أكثر الخائفين من هذا القرار الذي يمس وبشكل مباشر ذراعه العسكري في لبنان، وكان الرئيس الحريري حجر عثرة في وجه مشروعها، لم تكن إيران لتسيطر على لبنان يوم الأحد 8 آذار من العام 2005 عبر حزب الله وخطاب حسن نصرالله المدوي يومها ببقاء لبنان قيد الاحتلال، دفع رفيق الحريري ثمن هذا الاحتلال حياته!!

عشر سنوات، لم يستسلم فيها اللبنانيّون للاحتلال الإيراني المقنّع، ولم يتراجعوا عن المحكمة الدوليّة، على الرّغم من أنهم ووطنهم في غرفة إنعاش لا هم في حال حياة ولا حال موت، ومع هذا لن يستسلموا لا لحزب الله ولا لإيران من خلفه ولا لإرهاب داعش وجبهة النصرة الذي يجتاج المنطقة، لا شيء يقال على الرغم من كلّ ما مرّ علينا طوال السنوات العشر الماضية سوى جملة رفيق الحريري الشهيرة: «مش مهم مين بيبقى ومين بيروح.. المهمّ يبقى البلد»، ولبنان باقٍ رغم أنف الممانعة، وإسرائيل، والإرهاب الذي يجتاح المنطقة.