IMLebanon

فخامة الرئيس ميشال عون:  انتهى زمن المعارك السياسية وبدأ زمن صنع التاريخ!

بتاريخ يوم الاثنين ٣١ تشرين الأول أكتوبر ٢٠١٦، عاش الشعب اللبناني، لزمن يقاس بالدقائق أو الساعات، كأسعد شعب في العالم… فمن لم يفرح بانتخاب العماد عون شخصيا لرئاسة الجمهورية اللبنانية، فرح أقله لخروج لبنان من حقبة شغور رئاسي مرير ومعيب وكالح، استمر زمنا أطول مما يحتمله كبرياء أي وطن. أسعد شعب في العالم؟ هذا التوصيف ليس مشاعا متاحا للجميع. انه حق حصري لمنظمة الأونيسكو. وفي هذه الآونة اختارت هذه المنظمة الثقافية الأممية شعب الدنمرك بصفته كان أسعد شعب في العالم في السنوات الخمس السابقة. لماذا؟ لأن كان شعبا: بلا بطالة، بلا أمية، بلا فساد في الدولة، بلا سجون. يا لها من مصادفة سعيدة! ألا تصلح هذه الأوصاف لتكون برنامج عمل العهد الجديد في لبنان فيدخل السعادة الى قلوب شعبه على مدى ست سنوات، بدلا من سعادة الدقائق والساعات من زمن الانتخاب الرئاسي؟

اذا كانت كرسي رئاسة الجمهورية هي الرمز المعنوي للدولة، فأولى بفخامة الرئيس العماد ميشال عون الذي تمّ انتخابه ليجلس عليها، ان يتفحص قوائمها الأربع قبل الجلوس. وسيكتشف سريعا ان هذه القوائم الأربع نخرة ومتهالكة، ليس فقط بمرور الزمن الطويل من عمر الاستقلال، وانما أولا من كثرة ما تعاقب عليها من فساد واستغلال وتوظيف للعام في خدمة الخاص. وهذه القوائم الأربع، والكرسي نفسها والدولة برمتها، تحتاج الى نفضة عامة، تخرج الوطن من غوغائية الارتجال، وسياسة تناتش المنافع الشخصية والفئوية، الى اعادة تأسيس تضع الوطن على السكة الصحيحة، وتخرجه من بؤس العالم الثالث والمتخلّف، وتضعه على طريق الدولة المدنية الراقية والطموحة، كما يليق بالدولة اللبنانية أن تكون.

خاض العماد عون معاركه السياسية على مدى عقدين ونيّف حاملا برنامجا ل التغيير والاصلاح. واليوم، وبعد انتخابه رئيسا للدولة، انتهى زمن المعارك السياسية، ليبدأ زمن صنع التاريخ. التأسيس الأول للدولة بدأ مع اعلان الاستقلال. والتأسيس الثاني كان في عهد الرئيس فؤاد شهاب بانشاء مؤسسات ادارية ورقابية، لم تلبث الطبقة السياسية ان حاصرتها وأفشلتها. ولم ينجح التأسيس الثالث من دستور الطائف الذي جرى تطبيقه انتقائيا، وبقي حبرا على ورق، ولا سيما في أقدس بند فيه، وهو العمل على انشاء الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية السياسية. وأمام فخامة الرئيس العماد ميشال عون فرصة استثنائية لتخليد اسمه في تاريخ لبنان، بأن يعيد تأسيس الدولة على أسس عصرية، ليست خالية من الأزمات، ولكن حلّها يكون على غرار ما يجري في الدول الديموقراطية المتقدمة…

هل يستطيع انسان فرد، حتى ولو كان بقامة الرئيس ميشال عون ان يفعل ذلك؟ نعم يستطيع بشرطين: الأول، هو أن الفاسدين نجحوا في العبث بالدولة لأنهم وجدوا عند قمة هرم السلطة من يغطّيهم. وإذ استمر عون في الرئاسة، داعية نزيها للتغيير والاصلاح، فلن يجد الفاسدون أي غطاء لهم. والشرط الثاني، هو أن يدرك الرئيس عون ان الخطر الحقيقي على عهده يأتي من بعض المحيطين به، والذين بُحّت حناجرهم بالتهليل له، وليس من خصومه. والحذر واجب من ان يتحوّل هؤلاء الى سوس ينخر في قوائم كرسي الرئاسة التي يجلس عليها.

التحدّي الأول للعهد الجديد هو قانون جديد للانتخابات النيابية. والتحدّي الثاني، هو حلول دائمة للأزمات المعمّرة: الكهرباء، والمياه، والنفايات. والتحدّي الثالث، الاصلاح السياسي. واذا انتهى عهد عون دون أن يتبعه شغور رئاسي، فيكون هذا الرئيس المختلف قد غادر الرئاسة ليدخل التاريخ من بابه العريض!