نطرح هذا السؤال لأننا نرى أنّ فخامة رئيس الجمهورية قد تنازل عن الحكم لصهره الوزير جبران باسيل الذي خلق للرئيس مشاكل داخل البيت وخارجه، ومع جميع القيادات السياسية، من دولة الرئيس نبيه بري في ما قاله حول تكسير الرؤوس الى سمير جعجع طبعاً لأنه لا يريد أن ينفذ «اتفاق معراب» إلاّ على ذوقه لجهة المناصفة بين «التيار» و»القوات» في المقاعد النيابية والحقائب الوزارية، الى وليد جنبلاط خصوصاً في زيارته الأخيرة الى الجبل بما فيها حادثة قبرشمون التي جمدت مفاعيلها البلد شهراً كاملاً.
نقول هذا الكلام بعدما قرأنا أنّ السيد حسن نصرالله أمين عام «حزب الله» اجتمع مع جبران سبع ساعات، فكيف يمكن أن نفسّر أن يجتمع شخصية تعتبر اليوم الاولى في لبنان مع صهر رئيس؟ هناك جواب واحد وهو أنّ الرئيس تخلى، أو فوّض إدارة شؤون الحكم الى صهره، هنا لا بد من أن نقول إن ما جرى منذ استقالة الرئيس الحريري منذ نحو أكثر من شهر حتى يومنا هذا، فمن اقترح اسم الوزير السابق محمد الصفدي الذي يقيم في منطقة جبران البترون وهو على علاقة أكثر من وثيقة معه ومع زوجته ليكون رئيساً للحكومة، ان الرئيس الحريري لا يعترض على الصفدي ولكن هناك إعتراض من قبل القاعدة الشعبية وأيضاً «الحراك» بالذات من أهالي طرابلس الذين انتفضوا وأوصلوا موجة الإحتجاج الى منزل الصفدي في عاصمة الشمال.
فسقط هذا الاقتراح، ولكن جبران لم تتوقف المسألة عنده هنا، بل طرح من جديد الوزير بهيج طبارة، وأفادتنا المعلومات الموثوقة انه في الاجتماع بين الاثنين طلب الوزير جبران الاحتفاظ بالوزارات الثلاث: الخارجية لنفسه، والطاقة للوزيرة الحالية السيدة ندى البستاني ووزارة البيئة للوزير فادي جريصاتي، وعندما سمع الوزير السابق بهيج طبارة هذا المطلب قال: أنا فدائي لمجرد قبولي برئاسة الحكومة ولكنني لست انتحارياً.
وهكذا سقط اسم طبارة أي الاقتراح الثاني، وذهبنا اليوم الى الاقتراح الثالث الذي هو سمير الخطيب الذي هو أحد الشركاء في شركة «الخطيب وعلمي» الشهيرة وهي من أهم شركات الهندسة في لبنان والعالم العربي… هنا أيضاً الرئيس الحريري ليس عنده أي اعتراض على الشخص، ولكن القصة متروكة للاستشارات وموافقة الأكثرية النيابية.
من هنا، نلاحظ أنّ باسيل يلعب دور رئيس الجمهورية الذي نلاحظ أنّ كلامه في خطاب الاستقلال لم يكن موفقاً، وكأنه في وادٍ وما يجري على الارض من ثورة في وادٍ آخر… حتى في العرض العسكري تبيّـن أنه يبدو عليه الإرهاق، أما المشهد الثالث فهو المقابلة التلفزيونية مع تلفزيون «الميادين» الذي تموّله الدولة الاسلامية الايرانية والزميلة جريدة «الأخبار» الناطقة الرسمية باسم «حزب الله»… لم يكن موفقاً أبداً، والعكس صحيح.
وفي مقارنة بسيطة جداً بين هذا الرجل الذي استولى على قصر بعبدا سنة ١٩٨٩ وكانت خطاباته تستقطب الجماهير، وبين اليوم يتبيّـن الفارق الكبير، ولو أخذنا المشهد الاحتفالي على طريق القصر حيث أخذ الصهر الكلام مستبقاً الرئيس متجاوزاً البروتوكول، وكلما يتحدث الرئيس تتصاعد الاعتراضات والاحتجاجات وتقفل الطرقات يتبيّـن منها انه في عالم والناس في عالم آخر.
والملاحظ أنّ الرئيس عون أعلن أنه ما زال ينتظر جواب الحريري حول تكليفه رئاسة الحكومة علماً أنّ الحريري أعلن مباشرة وبالفم المليان انه غير مرشح!
إنطلاقاً مما ذكرنا أعلاه نفهم لماذا تحدث السيّد سبع ساعات مع جبران ولم يتحدث مع الرئيس، ومعروف ان الهم الحقيقي لدى الرئيس عون هو التوريث، وكانت الجلسة مع السيد نصرالله من أجل المستقبل، لم يتحدث مع الرئيس بل تحدث مع الصهر على ما يريده الرئيس.
عوني الكعكي