IMLebanon

الرئيس ميشال عون بين الدوحة1 والدوحة2

 

حين وصل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى مطار الدوحة، ربما عادت به الذاكرة ثلاثة عشر عاماً إلى الوراء، بين السادس عشر والحادي والعشرين من أيار 2008، تاريخ انعقاد مؤتمر الدوحة. وربما اكثر ما تذكَّره الرئيس عون هو البند الاول من اتفاق الدوحة والذي ورد فيه: “اتفق الأطراف على أن يدعو رئيس مجلس النواب البرلمان اللبناني إلى الانعقاد طبقاً للقواعد المتبعة، خلال 24 ساعة لانتخاب المرشح التوافقي العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية”.

 

آلم هذا البند كثيراً العماد عون، كان ينتظر ان يكون هو الذي سيتم انتخابه رئيساً، لكن جاء مَن أسرَّ إلى الوزير جبران باسيل، الذي كان في عداد الوفد المرافق له إلى الدوحة، أن يُبلِغ إلى العماد عون أن المناورة انتهت وان “حزب الله” سيسير في انتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، “ولا نستطيع الخروج على مشيئة إيران”. ويُقال إن النائب محمد رعد، وبعد اتصال تلقاه من علي لاريجاني، الأمين العام للمجلس الاعلى للأمن القومي الإيراني، هو من حمل هذه الرسالة “قبل صياح الديك”، اي قرابة الخامسة فجراً، وكانت “جائزة الترضية” للعماد عون بتقسيم بيروت إلى دائرتين انتخابيتين، ما اتاح للتيار رفع شعار “رجَّعنا الحق لصحابو”.

 

كم هي مؤلمة هذا الذكريات على الرئيس عون. اتفاق “الكبار” في الدوحة حذف اسمه عن رقعة الشطرنج الرئاسي، ليحل محله عمادٌ آخر هو العماد ميشال سليمان، وأخَّر وصوله إلى قصر بعبدا ثمانية أعوام، من ايار 2008 إلى تشرين الاول 2016.

 

آنذاك، ومن باب “التعزية المعنوية” له، قيل له ان من الأفضل ان تكون صانع الرؤساء وحارس الجمهورية من أن تكون رئيساً للجمهورية، لكن الجنرال يعرف أن هذا الكلام لا يمكن صرفه في السياسة، فحارس الجمهورية لا يمكن ان يكون إلا رئيس الجمهورية، ولا يستوي الأمر ان يكون الرئيس في بعبدا والحارس في الرابية.

 

فما كُتِب في الدوحة في 21 ايار 2008 قد كُتِب، ويستحيل تبديل حرف فيه، فكيف بتبديل اسم، وان يكون هذا الاسم مَن سيُنتَخَب رئيساً للجمهورية؟

 

عاد العماد ميشال عون من الدوحة يجر أذيال الخيبة، من حليفه اولًا “حزب الله” الذي لم يكن بإمكانه تعديل حرفٍ في الإتفاق الذي كُتِب بقلمٍ قطري وبحبر إيراني، ولم يكن بإمكان أحد ان يخالف هذه المشيئة.

 

كل هذه التفاصيل وغيرها جالت في خُلد الرئيس عون، وليس في الوفدِ المرافق معه اليوم مَن كان في الزيارة الاولى اثناء مؤتمر الدوحة، كان معه آنذاك، بالاضافة إلى جبران باسيل، عباس الهاشم وفريد الياس الخازن، اليوم ليس معه من “الحرس القديم” سوى الوزير السابق لشؤون رئاسة الجمهورية بيار رفول الذي يبدو انه محتفظ بهذه الحقيبة حتى من دون تسميته لها، وحتى بعد إلغائها من الحكومة.

 

الرئيس عون حاول ان ينتقم من حقبة الدوحة -1 من خلال قوله: “سأغادر قصر بعبدا عند انتهاء ولايتي ولكن إذا قرّر مجلس النواب بقائي فسأبقى”، كأنه اراد ان يقول: لم تمنحني الدوحة فرصةً ان اكون رئيساً، لكنني عدت إليها رئيساً، وقد أبقى إذا قرر مجلس النواب ان أبقى”.

 

بعد الطائف جرى التمديد لرئيسين: الياس الهراوي وإميل لحود، فهل يريد الرئيس عون ان تكون “الثالثة ثابتة”:

 

التمديد للرئيس الهراوي قرره الرئيس حافظ الاسد. والتمديد للرئيس اميل لحود قرره الرئيس بشار الاسد.

 

فعلامَ يعوِّل الرئيس عون للتمديد؟ هل ما زالت سوريا قادرة على فرضِ رئيس للجمهورية، انتخاباً او تمديداً؟

 

قد يعيد التاريخ نفسه كما في الدوحة -1، فيدخل على رئيس الجمهورية صهره جبران باسيل ليقول له: انتهت اللعبة.

 

فهل يقبل الرئيس عون ان يكون “حارساً للجمهورية” أو “صانعاً للرؤساء للمرة الثانية؟