Site icon IMLebanon

بلى دولة الرئيس ميقاتي “الحكي عليه جمرك”

 

معروفٌ عن الرئيس نجيب ميقاتي أنه أدخل «ثقافة المستشارين» سواء في «البزنس» أو في عمله السياسي، فهو يحيط نفسه بمستشارين مشهودٍ لهم بسِعةِ العِلْم والخبرة وفائض الوفاء له، ولديه مستشارون في مختلف المجالات: السياسية والمالية والديبلوماسية والإعلامية، يستمع إليهم ويحضِّر معهم مضمون اطلالاته ومواقفه التي «كانت» تأتي على شيء من «المنطق».

 

لكن في المدة الأخيرة، وتحديداً منذ انطلاق عملية «طوفان الأقصى»، وما تلاها من انغماس لبنان، عبر «حزب الله»، في هذه الحرب، في اليوم التالي، بدا الرئيس ميقاتي كأنه فقد «بوصلة المستشارين»، فتوالت مواقفه التي تدعو إلى الاستغراب، لجهة قول الشيء وعكسه، ما دفع المراقبين إلى السؤال: هل هذا هو الرئيس ميقاتي الذي نعرفه؟

 

معدودة اطلالات الرئيس ميقاتي الاعلامية، منذ بدء حرب غزة، وهي تُعد على أصابع اليد الواحدة، ومع ذلك حملت كمّاً من التناقضات، ما يعكس إما إرباكاً لديه وإما وفق قاعدة «لكل مقام مقال».

 

في أولى اطلالاته، استغرب الرئيس ميقاتي ان يُسأل: بيد مَن قرار الحرب والسِلم، وقال لمحدِّثه: تعرفون أين القرار، وهو ليس في يد الدولة اللبنانية، (ملمحاً بذلك إلى أنّ القرار في يد «حزب الله»). في إطلالة لاحقة، يطلق الرئيس ميقاتي معادلة غريبة مفادها «قرار السِلم في يد لبنان، وقرار الحرب في يد اسرائيل». ليناقض كلامه في اطلالة اخرى ويقول: «قرار الحرب اتى من حزب الله». وفي اطلالة ثالثة، وليست أخيرة، على أبعد تقدير، يقول الرئيس ميقاتي إن «حزب الله» هو «حزب عقلاني».

 

سيّئو النية يفسِرون هذا الموقف الأخير على أنه «تقديم أوراق اعتماد» لـ»حزب الله»، لحماية خطواته كرئيس حكومة تصريف أعمال، وكمرشح لاحق لتكليفه تشكيل الحكومة في العهد الجديد. ولو لم يكن الأمر كذلك، لَما كان «مضطراً» إلى تقديم هذا التنازل. يسأل المراقبون: أين تجسدت عقلانية «حزب الله»، بحسب توصيف الرئيس ميقاتي؟ هل في توريط الحزب للبنان في حرب قد توصله إلى مهالِك من دون تحقيق مصلحة لبنان؟

 

لبنان على صفيح ساخن منذ الثامن من تشرين الأول الفائت، يومياً تهديدات، وفي ظل هذه التهديدات، تحوّل الجنوب إلى ما يشبه منطقة عسكرية، وخُرِقَت قواعد الاشتباك. ماذا حقق لبنان من انخراط حزب الله في هذه الحرب؟ اذا لم يكن قد حقق شيئاً، فأين «العقلانية» التي يصفه بها الرئيس ميقاتي؟

 

الرئيس ميقاتي تُسجَّل له «براءة اختراع « مصطلح «النأي بالنفس» (عبر أحد مستشاريه)، حين أراد إبعاد لبنان عن الصراعات، وكان ذلك في حكومته الاولى عام 2011. أين هو اليوم من ذاك «الإختراع»؟ هل خدَم عسكريته ولم يعد صالحاً؟ وهل البديل منه هو هذا الانغماس في «الخطاب السياسي» المتماهي مع «حزب الله»؟ هل نقول: سامح الله الرئيس ميقاتي؟ أم سامح الله مستشاريه؟