بعد انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية وتكليف الرئيس سعد الحريري مهمّة تأليف الحكومة، فُتِح الباب مجدداً أمام الاستحقاقات العالقة منذ العهد الماضي. وفيما تتركز الأنظار على شكل الحكومة العتيدة نهجاً وحصصاً وحقائب، يرى رئيس مجلس النواب نبيه برّي، أن العودة إلى ما بقي من «السلّة» التي طالب سابقاً ببحثها، ضرورة حتمية. وفي مقدمة بنود «السلة» قانون الانتخاب، البند «الأكثر إلحاحاً» في نظره.
أول من أمس، وخلال اللقاء الذي جمعه بالرئيسين عون والحريري، تعمّد برّي النقاش في ملف قانون الانتخاب، بعدما تناهى إلى مسامعه أن الاتفاق الثنائي بين الرئيسين عون والحريري يتضمن «تأجيل الانتخابات مدّة سنة، وأن الحريري طلب من عون ذلك». لكن رئيس المجلس عاد وأكد أن «كلام عون والحريري خلال اللقاء ينفي كل تلك الشائعات، وهناك كلام جدّي يؤكد ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها وفق قانون عصري وجديد». يشترط بري أن ينص القانون الجديد على انتخاب كامل أعضاء مجلس النواب على أساس النسبية، وذلك يعني أن كل القوانين المختلطة التي نوقشت في اللجان المشتركة والهيئة العامة سابقاً قد تبخرت. الأهم بالنسبة إليه، «الإصرار على النسبية والكوتا النسائية».
يعود قانون الستين إلى الواجهة كخيار انتخابي بذريعة ضيق الوقت
لكنه سيحاذر الدخول في «فخ» اقتراح خفض سنّ الاقتراع، لأنه «يثير الحساسية»، بسبب ارتباطه بـ «الحسابات الطائفية، كما يُصرح المعارضون له». لا يريد الرئيس برّي على أبواب العهد الجديد إثارة الحساسيات، كي لا يُفهم موقفه وكأنه ردّ على التسوية السياسية، وأن يفسر اصراره وكأن «الجهاد الأكبر» الذي تحدث عنه، هو التعامل الكيدي مع باقي الفرقاء.
من جهة أخرى، يعود قانون الستين إلى الواجهة كخيار انتخابي، بسبب ضيق الوقت لإقرار قانون جديد. ما يطرح سؤالاً عن قدرة الأطراف على اعتماد قانون جديد في أشهر قليلة.
حزب القوات اللبنانية طالب عبر النائب جورج عدوان بأن تطرح الحكومة المقبلة قانوناً انتخابياً جديداً وترسله إلى المجلس بشكل معجلّ. وبالتالي، هذا الأمر يُمكن أن يأخذ شهرين على الأقل. بمعنى إذا ولدت الحكومة سريعاً، فهي تحتاج أقله إلى هذه المدة لإصدار قانون جديد، ولن يكون بمقدور القوى السياسية في المجلس إقراره قبل موعد الانتخابات. وفي هذا السياق، يؤكّد عدد من النواب أن هذا الموضوع «سيسبّب تلقائياً تأجيلاً تقنياً للانتخابات النيابية»، لأنه «بعد أن تطرح الحكومة مشروع قانون انتخاب جديد، سترسله إلى مجلس النواب». فهل «يُعقل أن ينجح المجلس في التوصل إلى قانون رغم فشل اللجان طوال السنوات الماضية»؟ وطبعاً «يريد كل طرف قطعة من الكعكة الانتخابية، ما يعني أن تتضمن المفاوضات على القانون الجديد، مناقشات صعبة، بسبب معرفتنا بكيفية سعي كل طرف للوصول إلى قانون انتخاب يلائم تطلّعاته وأهدافه، ونحن لمسنا ذلك في خلال عمل اللجان التي أوكل إليها الرئيس برّي مهمّة التوصل إلى قانون انتخاب جديد». وفي هذا الإطار يعتبر هؤلاء أن «القوى السياسية ستفضّل حينها بقاء قانون الستين». وتعليقاً على ما يُتداول به بشأن قانون الستين، تقول أوساط عين التينة: «يبدو أن الجهاد الأكبر الذي تحدث عنه الرئيس برّي ليس مرتبطاً بالحكومة، بل بالقضايا الداهمة التي يأتي في طليعتها قانون الانتخاب. ويعني الجهاد ضد من يسعى إلى استمرار القانون الحالي، ضمانة لعودة الكتل النيابية إلى المجلس، أو في حال إصرار بعض الأطراف على القانون الأرثوذوكسي»