يدور حوار عقيم حول التشريع وصحته أو عدمها. حوار غير مبني على العقل وعلى الدستور وعلى مصالح الدولة والناس. شروط وشروط مضادة وتشاطر لبناني لكسب الجولة السياسية. هل يكسب الرئيس نبيه بري أم الاحزاب المسيحية؟ اللبنانيون لا يهمهم الامر. يجدون انهم الخاسر الاكبر في كل المراحل، سواء فتح المجلس أم اقفلت أبوابه، ما دام مجلس النواب غير قادر على انتخاب رئيس للجمهورية طوال مدة تكمل بعد أيام سنتها الثانية. الرئيس بري غير قادر على اقناع حليفه الابرز “حزب الله” بالنزول الى المجلس، وفي وسط “تحالف” الاحزاب الضمني فريق يقاطع الجلسات ما دام رئيسه لا ينتخب رئيساً، ضارباً عرض الحائط الحياة الدستورية والمصلحة العليا للبلاد.
ثم يبرز أمر مضحك مبك في آن واحد، هو قانون الانتخابات النيابية. ثمة 17 مشروعاً متداولة، وقد انتهت اللجنة النيابية المكلفة درس المشاريع الى فشل ذريع يعبر خير تعبير عن حال الانقسام الداخلي والخارجي. لن يتنازل اي فريق في هذا المجال، والكل يريد ان يكسب ولو على حساب الوطن. في الواقع، يظلم المسيحيون عندما لا يؤخذ برأيهم في هذا الشأن بعدما ظلمتهم الوصاية السورية مراراً. لكنهم أيضاً يظلمون أنفسهم والوطن عندما لا يتفقون على مشروع قانون انتخاب قابل للحياة ومقبول لدى شركائهم في الوطن. لا يمكن أي فريق في لبنان اختيار ما يناسبه وفرضه على الاخرين. حتى “حزب الله” الاقوى بالسلاح، ادرك بعد مرحلة طويلة من الحروب والصراعات الداخلية، ان لا مجال لفرض مشروعه للدولة الاسلامية، وذلك بعد اقتناع الاخرين بسقوط مشروع الدويلات والكانتونات.
تبقى المحنة الان في التشريع. فهل يساعد التشريع في تأخير انتخاب رئيس للجمهورية، وهل عدم التشريع يعجّل في العملية؟ سؤالان لا جواب عنهما لدى المعترضين. واذا كان ذلك ممكناً كوسيلة ضغط في المرحلة التي تبعت الشغور الرئاسي، ولم تنجح، فانها لم تعد نافعة على الاطلاق لانها تحولت الى تعطيل.
الخطوة الحقيقية والجدية تكون بإعلان الحقيقة على الملأ، واتهام من يلزم بالتعطيل، واتهامه بالخيانة، ثم بالتوجه الى مجلس النواب لانتخاب رئيس بالنصف زائد واحد، ثم اطلاق ورشة تشريع حقيقية لاقرار قانون انتخاب عصري يكون مشروعاً للرئيس الجديد يطلق به عهده. وليكن الانتخاب بالنصف زائد واحد لمرة واحدة فقط… خصوصاً اننا اعتدنا عبارة “لمرة واحدة فقط”.