أصبح ما يُفرّق أعضاء التيار الوطني الحر أكثر ممّا يجمعهم. عادت الخلافات لتطفو على السطح بعدما قرر العماد ميشال عون سحب النظام الداخلي من وزارة الداخلية لإجراء تعديلات عليه من دون مشاورة جميع الاطراف داخل التيار. الانتخابات الرئاسية حُدّدت في منتصف أيلول المقبل. «الجنرال تعبان ويريد إنهاء معمعة النظام الداخلي»
تمخض التيار الوطني الحر على مدى أكثر من سنتين فولد نظاماً داخلياً، ليتبين لاحقاً أنه أتى مبتوراً. أمل الناشطون والمسؤولون العونيون خيراً. أعادوا شحذ هممهم لتنظيم انتخابات داخلية في المناطق، قبل أن يأتيهم «أمر اليوم»: التأجيل الى موعد غير مُحدد. كل هذا بقي مقبولاً حتى قرر النائب ميشال عون سحب النظام الداخلي من وزارة الداخلية لإضافة تعديلات عليه، خاصة في ما يتعلق بالمكتب السياسي وصلاحيات رئيس التيار. أعيد إرسال النظام المُعدّل مُجدداً الى الوزارة التي سجلته لديها، استناداً الى مصادر على تواصل يومي مع عون، فجنّ جنون ابن شقيق «الجنرال» نعيم عون.
«15 أيلول هو موعد انتخاب رئيس جديد للتيار الذي ستنتخبه القاعدة العونية. بعد ذلك يُعين الادارة الحزبية التي ستُشرف على الانتخابات في المناطق»، يقول مصدر في فريق عمل وزير الخارجية جبران باسيل. ينفي المصدر كل ما سُرّب في الاعلام في اليومين الماضيين، «فمنذ أن تشكلت اللجان التي ناقشت مسودة النظام الداخلي كان الخيار أن يُصار الى انتخاب ستة من أعضاء المجلس الوطني وثلاثة يُعيّنهم رئيس الحزب. استغل الفريق الآخر سفر باسيل لتعديل هذه النقطة، فأصبح الأعضاء التسعة مُنتخبين من القاعدة». أما «الشائعات» التي ينشرها الفريق الآخر فالهدف منها «خوض المعارك من أجل انتخاب مجلس يكون معارضاً للرئيس ويُعطّل عمله طيلة الأربع سنوات… يقولون إن باسيل يريد التفرد بالقرار داخل التيار. هذا كلام كبير ومبالغ فيه. لا أحد يريد تهميشهم». يبدو المقرّبون من باسيل واثقين من تسلمه رئاسة التيار «لأنه قادر على التواصل مع معظم السياسيين. وهو جاهز لمواكبة هذه النقلة للتيار».
منذ ما قبل الانتخابات البلدية عام 2010، تدخل عون من أجل مصالحة باسيل مع «الفريق الآخر». ورشات عمل مختلفة نُظّمت ودارت بين «محورين»: الأول يتمثل في باسيل من جهة وابن شقيق عون، نعيم من جهة أخرى. أما المحور الثاني فكان ركنه الأول باسيل والركن الثاني بقية النواب. نتج من هذه اللقاءات نظام داخلي كانت لباسيل ملاحظات عدة عليه، إلا أنه سهّل إمراره ولم يُعرقله، «الاعتراض الأساسي كان على أساس النظام».
لم تكن هناك مُشكلة حتى قرر عون تأجيل الانتخابات الداخلية من دون إبلاغ نعيم قراره، فبدأ تبادل الاتهامات. لام عدد من العونيين جنرالهم ونصحوه بأن يتواصل مع نعيم، «فلا يجوز أن تصله الاخبار من الاعلام وهو الذي ساهم في وضع قواعد هذا النظام». حتى إنهم تمكنوا من إقناعه بأن «الفريقين لا يُقصّر أحدهما بحق الآخر. نعيم لا يتحمّل المسؤولية وحده». الحرب الباردة التي اشتعلت بين أركان الرابية هدأت حتى تاريخ سحب النظام من الداخلية لتعديله، «كان نعيم مسافراً، ولكن لم يتأخر في فتح الجبهة». المُشكلة الأساسية هي التفرد في طرح التعديلات «لم يُطلب من النواب أو اللجان الاجتماع من جديد لمناقشة التعديلات، ولا شيء حتى الساعة يوحي بأنهما سيجلسان معاً… التعديلات أُقرّت من دون موافقة الفريق الثاني». تقول المصادر إنه «عملياً نعيم هو واجهة لعدد من النواب والحزبيين الذين عادة ما يتركونه في منتصف الطريق». الفريق المعارض لا يعتبر هذه المعركة معركته: «التحدي بالنسبة إليهم أن يفوزوا في الانتخابات الداخلية حتى ولو فُصّلت الرئاسة على قياس جبران». المهم أن باسيل «لم يُعدّل أي مادة في ما يختص بالنظام الاقتراعي».
«هل تعرفين لعبة اليويو؟ نحن نُشبهها… كل يوم نُبدّل رأينا»، تقول مصادر معارضة في التيار. الهجوم يُشنّ على اللجنة التي قامت بالتعديلات «لا صلاحية ولا صفة لها للتغيير… هي أشبه بمجلس الثورة في زمن الرئيس العراقي صدام حسين. نحن حارة كل مين إيدو إلو».
تُنكر المصادر أن يكون أحد قد استغل سفر باسيل لتمرير التعديلات «هو كان موجوداً، وفي النهاية الجنرال حسم القرار بإرسال النظام الى الداخلية». وبالمناسبة «لا يُمكن للوزارة أن تُسجّل النظام المُعدّل لأنها سبق أن سجّلت الأساسي».
أما في الرابية، فـ«الجنرال تعبان وقرفان… يريد إنهاء معمعة النظام الداخلي في أسرع وقت»، كما تنقل المصادر. ليس سراً أنه «يرتاح لتسلّم باسيل الرئاسة. أصلاً هو لديه الامكانيات لذلك، مشكلة وزير الخارجية الوحيدة هي في تواصله مع باقي الاطراف».