المشكلة الحقيقية في لبنان هي انتخاب رئيس الجمهورية، هذه المشكلة خلقت أكبر صراع بين الزعامات المارونية تاريخياً، وهذا الصراع اتخذ أوجهاً عدة. فعندما تنتهي ولاية الرئيس وينتخب خلفه، يقوم الرئيس الجديد بالتشكيك بجماعة الرئيس السلف. وهذا ما حصل مثلاً مع عهد الرئيس الراحل سليمان فرنجية بالانتقام من أركان الشهابية والنهج، الرئيس الياس سركيس كان هادئاً ترك الأمور. جاء الرئيس أمين الجميل بعد اغتيال شقيقه بشير، فانتقم من المسلمين ونذكر ماذا حلّ بالطريق الجديدة وانهى عهده بتعيين حكومة عسكرية برئاسة العماد ميشال عون، وكان هذا الامر الأسوأ.
قبلاً، بشير الجميل تحت شعار «توحيد البندقية» قتلوا طوني فرنجية ونفذوا مجزرة الصفرا، لإبعاد المنافسين من الطريق.
ميشال عون نفذ ثلاثة حروب: حرب التحرير وحرب الالغاء ثم حرب إزالته من قصر بعبدا الذي غادره بملابس النوم الى السفارة الفرنسية.
الرئيس رينيه معوض قتل خلال أيام من بدء رئاسته لأنه لم يرد استخدام القوة لإزالة «حالة التمرد» من بعبدا.
الرئيس الهراوي لم ينتقم. كان همه الوحيد بناء الدولة، فاستعان بالرئيس رفيق الحريري، وكان عهد البناء والاعمار الوحيد في لبنان بفضل التعاون بين رئيسي الجمهورية والحكومة.
المصيبة الكبرى هي إميل لحود الذي كان همه الوحيد الانتقام من الياس سركيس ورفيق الحريري، بدلاً من ان يصرف اهتمامه على بناء البلد… لأنهما مدّدا ثلاث سنوات للهراوي في وقت هو الذي قبل التمديد لنفسه. وكان عهده الأسوأ، وكان في الإمكان تنفيذ خطة الكهرباء التي وضعها الرئيس رفيق الحريري، فضيّع الفرصة، وكان عهده شهد الاغتيالات التي زلزلت لبنان بدءاً من اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري… واتهم الضباط الأربعة الكبار في عهده بضلوعهم في الجريمة، وحتى الآن لم يُبت نهائياً في براءتهم او ارتكابهم، وهذا أمر منوط بالمحكمة الدولية.
ثم كان عهد ميشال سليمان الرجل العاقل الذي قامت القيامة عليه لمجرد انه طالب بالاستراتيجية الدفاعية (اعلان بعبدا) التي رفضها حزب الله.
ثم جاء حزب الله بميشال عون بعد تعطيل البلد سنتين ونصف السنة. وهنا لا بد من الاشارة الى أن سمير جعجع يتحمل مسؤولية كبيرة لكونه لم يتعلم من الحروب التي خاضها وميشال عون ضد بعضهما البعض وكان يجب ان يدرك ان عون لا يلتزم بوعوده، الى ان ادرك ذلك ولمسه في ما آل اليه اتفاق معراب.
المصيبة اليوم ان ما حدث يوم الاثنين الماضي عند الساعة الثانية فجراً (بيان القوات) هو نتيجة الصراع على رئاسة الجمهورية بين جعجع وجبران باسيل الذي سعى عون لتوريثه ودفع الحريري الثمن.
وهذه ليست المرة الأولى… إذ سبقها الاتفاق على الموازنة وبعد لقاء بين جعجع وباسيل كان ان تراجع باسيل عن الاتفاق فور الوصول الى مجلس النواب لاقرار المشروع.
وهناك من يقول ان جعجع هو الذي حرض على سعد الحريري…
نعود الى بيت القصيد وهو ان الصراع على رئاسة الجمهورية هو الذي يخرب لبنان ويضعف المسيحيين علماً اننا نؤمن بأن لا لبنان من دون المسيحيين الذين يتمايز بهم لبنان عن سائر بلدان المنطقة. اشارة الى ان المسيحيين هم الذين حفظوا لغة القرآن واستحضروا الارساليات الاجنبية الفرنسية والاميركية وبات اللبنانيون يتكلمون اللغتين الفرنسية والانكليزية ويجيدانهما الى جانب العربية.
عوني الكعكي