أن يكلّف رئيس للحكومة، ويجتمع 16 أو 17 مرّة برئيس الجمهورية، وأن تمر 7 أشهر، ولا تشكل حكومة لأنّ فخامته -وهنا أعني الرئيس الفعلي للجمهورية ألا وهو الصهر العزيز- يضع شروطاً تعجيزية فهذا كلام غير معقول وغير مقبول.
نبدأ بالقاعدة الأولى: حيث قال جبران باسيل لا يمكن أن أسمح بتشكيل حكومة «بدوني» وإذا لم يعجبهم فليجرّبوا، ثم تواضع قليلاً وقال: «حكومة من دوني يعني حكومة من دون الرئيس سعد الحريري». وهنا قارن نفسه بمقام رئيس الحكومة.. فهل هذا أيضاً مقبول أو معقول؟
نبدأ بالتكليف الذي حصل رغم أنف جبران باسيل وعمّه، وبالرغم من مقاطعة التيار الوطني الحر، ورفضه لتكليف الرئيس سعد الحريري، لكن الإستشارات النيابية الإلزامية أدّت الى أنّ الأكثرية النيابية تريد سعد الحريري.
إنتهينا من التكليف الذي جاء بالرغم من عدم رغبة فخامته وصهره، لنبدأ رحلة العذاب.
ابتدأ الرئيس المكلف طالباً من رئيس الجمهورية لائحة بأسماء الوزراء الذين يوافق عليهم رئيس الجمهورية. وتسلّم لائحة من 50 إسماً من فخامته. والمضحك المبكي ان الرئيس عون اقترح اسم جاك صرّاف على أساس انه ماروني، رغم أنّ الجميع يعرفون أنّ الاستاذ جاك صرّاف، هو من أبرز وجوه الطائفة الارثوذكسية المحترمين، وهذا مؤشر على ان فخامته يعيش في عالم ثانٍ.
وبعد أخذ ورد وصلنا الى العدد. وكان الاتفاق على 18 وزيراً منذ البداية. ولكي «يفركش» التشكيلة رفع فخامته «سيف» الـ20 أو 22، لأنّ عنده بضعة أسماء يريد توزيرها. ثم جاءت مشكلة جديدة، ألا وهي شعار «المقاومة والممانعة»، أي الثلث المعطّل. فمن منا لا يتذكر صورة جبران باسيل يوم طالب باستقالة الحكومة، وكان رئيس الوزراء يومذاك الرئيس سعد الحريري في البيت الابيض ينتظر دخوله للإجتماع بالرئيس الاميركي باراك أوباما، وما إن دخل عند الرئيس الاميركي حتى أعلن جبران باسيل إستقالة الحكومة باستقالة الثلث ولم ينتظر تأجيل الاستقالة ولو لساعات، كي يكون عنده الحد الأدنى من الأخلاق واللباقة والتهذيب والإحترام.
يبدو أنّ الرئيس الحريري وبسبب تربيته وأخلاقه، ينسى ما يفعله الوزير السوبر جبران باسيل، لأنه يسامحه ويعود ويجتمع معه، ويعطيه الوزارات التي يرغب بها. طبعاً لأنّ الحريري هو «ام الصبي» ولأنه يريد أن ينقذ البلد، وقد أثبتت الأيام، أنّ الحريري يَسْعى ليلاً ونهاراً لإنقاذ البلد، في حين أنّ الآخرين يسعون ليلاً ونهاراً لتعبئة «جيوبهم». على أي حال، الناس يعلمون كل شيء، ويكفي أن نتذكر موضوع الكهرباء، ليتبيّـن أنّ الهدر في هذه المشكلة، وصل الى ما فوق الـ50 مليار دولار.
ويكفي أيضاً أنّ الرئيس الحريري استطاع عام 2018 أن يجمع أكثر من 50 دولة ومنظمة ومؤسّسة دولية لتقرّر إعطاء لبنان 12 مليار دولار، لإقامة مشاريع أهمها الكهرباء وغيرها، على أن تكون بإشراف وتنفيذ ومراقبة الدول المانحة. بالمقابل عطّل جبران باسيل وعمّه كل هذه المشاريع لأسباب خاصة ولكن معروفة.
لقد عشنا 28 عاماً بنعمة اسمها «الإستقرار المالي» وسعر ثابت لصرف الليرة، وكانت هذه النعمة من أفكار المغفور له شهيد لبنان الرئيس رفيق الحريري، الذي أعجب بها حاكم مصرف لبنان الاستاذ رياض سلامة وتبناها، أما اليوم فنرى المسؤولين يرمون فشلهم على الذي أعطاهم الفرصة تلو الأخرى ولمدة 28 سنة، لكنهم فاشلون ولا يملكون إلاّ الإعتراض والتشهير والإساءة لسمعة الرجل الذي أنقذهم. على كل حال لا بد أن تظهر الحقيقة قريباً، ويتبيّـن أنّ الفاشل والساقط هو من أعداء نجاح رياض سلامة الذين يغارون من الرجل ومن عبقريته، فهو الذي حافظ على استقرار العملة الوطنية، بالرغم من حروب إسرائيل، ورغم تعطيل تشكيل كل حكومة أكثر من سنة، وتعطيل إنتخاب رئيس للجمهورية لمدة عام ونصف العام وبعدها لمدة سنتين ونصف السنة. وبعد حرب الـ2006 تحت شعار «لو كنت أعلم» وخسارة 5000 قتيل وجريح من الشعب والجيش والمقاومة و15 مليار دولار من البنية التحتية والجسور والكهرباء التي قصفتها ودمرتها الطائرات الاسرائيلية، ظلّ سلامة محافظاً على تثبيت سعر صرف الليرة.
وكي لا نطيل الحديث، فإنّ هناك قواعد، يجب أن نذكرها:
أولاً: ميشال عون «يحارب» الطائف منذ توقيعه ويعمل على إجهاضه.
ثانياً: ميشال عون مستعد أن يحرق البلد، كي يُرْضي رغبات جبران باسيل فلنتذكر ان باسيل سقط مرتين في الانتخابات، وفي كل مرة يسقط يعيّنه عون وزيراً، الى أنْ غيّر القانون، كي ينجح باسيل وركّب قانوناً عجيباً غريباً، من أجل أن يصل صهره الى النيابة.
ثالثاً: ميشال عون جرّب أن يورّث باسيل لكنه سقط سقوطاً ذريعاً إذ ان فشل عهده لم يشاهد اللبنانيون مثيلاً له في تاريخ لبنان.
رابعاً: كلمة شكر للرئيس الحريري على صبره الذي أتفهم أسبابه.
خامساً: شكراً لقائد الجيش لأنه رجل «آدامي» نظيف وعاقل ووطني.
سادساً: شكراً لحاكم مصرف لبنان على صبره وجَلَده، وجهوده لإنقاذ الوضع المالي ولكن، يد واحدة لا تصفق.
أخيراً.. الله يعين اللبنانيين الذين ينتظرون أن تسمح إيران لـ»الحزب العظيم» بالموافقة على تشكيل حكومة.