Site icon IMLebanon

رئيس للجمهورية وبعده الحلول

الكل متفق في لبنان على أن أزمة النفايات التي وصلت الى أبواب بيوت الناس هي التي أشعلت فتيل الاحتجاجات الكبيرة، وفتحت الباب واسعاً أمام عدد من الجمعيات والحركات المدنية كي تنزل الى الشارع بغطاء من اعلام مؤيد ومجند على مدار الساعة على النحو الذي شهدنا في الأسبوعين الماضيين. والكل متفق على أن اللبنانيين المثقلين برصيد شفافية ونزاهة رسمية سلبي للغاية، ان لم يكن أكثر، ما كان لينفجر غضبهم ويخرجوا من اصطفافاتهم الطائفية والمذهبية، أو من سباتهم العميق الذي استمر أعواماً طويلة لولا أزمة النفايات التي لا تقارن بأية أزمة أخرى، والتي لا بدائل متوافرة لها على النحو الذي توافر مدة طويلة للكهرباء أو المياه أو غيرها من الخدمات الحيوية في البلاد. والكل متفق على أن لا سبيل لتهدئة النفوس، أو أقله لإعادة شيء من الهدوء الاجتماعي والسياسي قبل ايجاد حلّ مرحلي لأزمة النفايات يبدأ برفعها فوراً من أمام عتبات البيوت. هذه المهمة العاجلة تتقدم جميع بنود جدول أعمال طاولة الحوار التي دعا اليها رئيس مجلس النواب نبيه بري في التاسع من الشهر الحالي.

البند العاجل الآخر الذي لا يتحمل الانتظار، وإن تعددت الاجتهادات بشأنه، هو اتمام الاستحقاق الرئاسي العالق في “عنق الزجاجة” الاقليمي منذ أيار 2014، في ظل معادلة “التهدئة” التي جرى التفاهم عليها بين القوى السياسية المحلية الوازنة، من دون أن ترقى الى مستوى “تسوية” أو توافق على اسم الرئيس المقبل. هذا البند العاجل يحتاج الى أكثر من توافقات محلية غائبة راهناً. انه يحتاج الى اعادة وضع لبنان على لائحة الاهتمامات الدولية – الاقليمية، وقد لاحت تباشير هذا الاهتمام في أروقة مجلس الأمن، وبعض العواصم المعنية غداة اشتعال الحراك المدني الاجتماعي الذي ذكر الجميع بأن الشارع في لبنان مادة ملتهبة لا يمكن لأي طرف ان يحصرها. وهذه المادة الملتهبة تبدأ في مكان وتنتهي في مكان آخر غير متوقع. من هنا حاجة الاطراف المحليين الى من يساعدهم في التوافق على اسم الرئيس العتيد، الذي تبدأ من انتخابه سلسلة الحلول الأخرى: استقالة الحكومة الحالية حكماً، اقرار قانون انتخاب جديد وتعيين موعد لانتخابات نيابية يمكن أن يكون موعدها مطلع صيف 2016، اذا ما انطلق قطار الحل (انتخاب الرئيس أولاً) في الربع الثالث من العام الحالي.

أي خلط في الأولويات، أو محاولة لابتداع جدول أعمال لا يبدأ بانتخاب رئيس جديد وفق نص الدستور سيؤخر الحل، ويعقد الأزمة أكثر، ويدفع في اتجاه تطيير “التهدئة” التي لا تزال قائمة حتى الآن. وعند ذلك يمكن ان ينزلق لبنان الى أزمة عميقة طويلة.

ان لبنان لا يعيش فوق كومة نفايات فحسب. على الجميع ان يتذكروا جيداً انه يعيش أيضاً فوق صفيح اقليمي ساخن جداً. من هنا ضرورة التنبه الى ان الحلول تكون سياسية أولاً وقبل أي شيء آخر. والمهم تحويل الاهتمام الدولي العائد بخجل الى اندفاعة قويّة لانتخاب الرئيس الجديد داخل أروقة مجلس النواب الحالي.