يتردّد أن السفير الاميركي لن يغادر بيروت نهائيا قبل آخر أيلول. وعلى رغم انتهاء ولايته في آب المقبل، الا انه سينتظر خلفه الذي لن يكون وضعه القانوني ملتبساً في ظل الشغور الرئاسي، إذ سيسلم أوراق اعتماده الى الرئيس الجديد للجمهورية مباشرة.
وإذا كان سياسيون كثر مستائين من الاتفاق النووي، لأنهم يرون فيه انتصاراً لإيران على العالم العربي، المفكك أصلاً، في حسابات لبنانية محضة، لا اعتبار لها في حسابات الدول ومصالحها التي تحرك العالم، فإن الرئيس نبيه بري متفائل بامكان أن يزيل الاتفاق الايراني مع الدول الست، وتالياً مع العالم الغربي، العوائق، ويسهل انتخاب رئيس للجمهورية.
وإذا حصل الامر، وهو ربما حاصل في آب المقبل، او في الحد الاقصى قبل آخر ايلول، فإن اللبنانيين سيدركون تضاؤل دور قياداتهم، وتحولهم ادوات طيعة في ملاعب الامم، بحيث يقتصر دورهم على تنفيذ اتفاقات خارجية، في صورة منقحة عن الوصايات التي أدمنوها.
كان يمكن العماد ميشال عون ان يكون صانع الرئيس، والدكتور سمير جعجع محتفظاً بحق الفيتو في وجه أي مرشح لا يحبذه، فيقطفان بعضاً من ثمار اتفاقهما الذي لم يثمر اتفاقاً على النقطة الأبرز، وهي رئاسة الجمهورية. وقد تمكنا ربما من “حرق” اسماء مرشحين، فشعرا بنشوة لا تبلغ الذروة، اذ انهما في مسيرة التعطيل هذه قضيا على كل أمل لأي منهما في الوصول الى قصر بعبدا.
لكن ساعة الحقيقة دقت وبدأ كلاهما يدرك جيداً انه يفقد شيئاً فشيئاً هذا الحق، لذا كان تقاربهما، وللسبب عينه، كانت ثورة العماد عون الأخيرة، والتي لم يجاره فيها أقرب الحلفاء.
صحيح أن شعار الأزمة الأخيرة المطالبة بصلاحيات وتعيينات، لكن حقيقتها حسابات رئاسية، وأحلام بدأت تتكسر على مذبح مصالح الدول الكبرى التي كانت وستبقى أكبر من حساباتنا الداخلية، وأكبر أيضاً من حسابات حلفاء السعودية وإيران في الداخل.
هل وعى المسؤولون عندنا التطورات، أم يفاجأون، كما العادة؟ مسار الاحداث في ظاهره لدى الطرفين المسيحي والمسلم، يوحي بأنهم احتاطوا لتبدلات ومتغيّرات فخفّفوا من غلوائهم وسلكوا طريق الحوار. لكن في المقابل، تظهر الخطب الشعبوية، ومستوى التصريحات، ان السياسيين عندنا ليسوا على مستوى الأحداث الكبيرة والأهداف الكبيرة التي يتباهون بإعلانها، وانهم ينتظرون أي إشارة تردهم من الخارج.
الاتفاق النووي ربما يفتح نافذة في جدار الأزمة، أو الأزمات على مستوى الشرق الاوسط، والملف اللبناني هو الأقل تعقيداً، والأسهل على الحل، فإذا نشطت حركة الاتصالات الفاتيكانية الاميركية الفرنسية، مدفوعة بتواصل مع السعودية وإيران، فانها قد تنتج رئيساً في وقت قريب جداً، وقد لا تنفع حينذاك اعتراضات بعض الداخل.