IMLebanon

رئيس معطِّل لجمهورية معطَّلة

أبرز ما ظهّره ترشيح قطبي “14 آذار”، سعد الحريري وسمير جعجع، قطبي “8 آذار” سليمان فرنجيه وميشال عون، هو ان “انتفاضة الاستقلال”، لا تملك، سوى عناوين سيادية لا استراتيجية مشتركة.

كذلك أظهر الترشيحان أن لا علاج لعقدة “أنا أو لا أحد”، ولا شفاء من ضبط حزب الأمين العام انتخاب الرئيس على الإيقاع الإيراني، وان مسلسل جلسات انتخاب الرئيس، أطول من مسلسل “الهارب” الشهير، أو مسلسل “حريم السلطان”. من انتقد تأييد فرنجيه، أو دان تبني ترشيح عون، استعجل الانفعال، وجهل أن لبنان، حاليا، مقبرة الحلول والاتفاقات، وأن القوى السياسية في دولة “جدية” لا تحتاج الى اتفاق على “مجموعة مبادئ عامة تشكل وسيلة لإعلان نيات” كما فعل “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية”، ولا الى “ورقة تفاهم”، كما بين “التيار” نفسه و”حزب الله”، عام 2006، أو طاولة ثنائية بين نواب الحزب نفسه و”كتلة المستقبل”. فكل هذه اللقاءات تنتفي إذا كان القانون يسمو على الجميع، ويقود خطاهم ويرسم حدود علاقاتهم. وعند ذلك يصبح مبرر اللقاءات البحث عن برامج عمل سياسي، أو تحالفات انتخابية.

والحال، أن “طاولة الحوار” بين “المستقبل” و “الوفاء للمقاومة” أشبه بمراجعة الطبيب دورياً، فيما “ورقة التفاهم” و “إعلان النيات” تفرضان مقارنة بين ما يسعى اليه الجنرال عون في كل منهما، كونه قاسمهما المشترك، وبفضلهما تأكد أنه الرئيس ولو لم يرئس، وتكاد تنقضي سنتان من عهده، السلبي، في ظل توتر هادئ، لامس، أحياناً، الانفجار.

لم يحمل “إعلان النيات” أي إضافة، أو تغيير، في مسار انتخاب الرئيس، حتى اليوم، لكنه غيّر في المشهد الوطني، وعزز الطائفية السياسية، وبدل أن يبقى المسيحيون النسغ المنتشر في كل الجسد السياسي اللبناني، باتوا سمادا لانقسامه الطائفي، وصار لبنان قدّام ثنائية مسيحية، كما الثنائية الشيعية، في انتظار وصول هذه وتلك إلى التماثل مع الآحادية الدرزية.

ربما رد “إعلان النيات” على مخاوف غذّاها تسول عون الرئاسة بالتباكي على المناصفة والتوازن الوطني وحقوق المسيحيين، وهجرة الأقليات الدينية من المشرق. وإذا كان شيء من الحقيقة في جذر بعض هذه المخاوف، فإن طريقة التعامل معها، تجيز لبعض “الفيسبوكيين” التساؤل، ردا على قول البعض “المهم أن تكون يد المسيحيين واحدة”، وماذا إذا دعا بعض المسلمين إلى أن تكون يدهم واحدة أيضا، وهبوا لنجدة أبناء مذهبهم في سوريا والعراق، وحتى اليمن، وربما إفريقيا؟

شخصياً، لا أبالي بـ “حقوق الطوائف” والجماعات، وما يهمني هو حقوق الفرد، لانه أساس بناء المجتمعات، لكن، وأمام الازدواجية أو الفصام في الشخصية اللبنانية بين الحرص على “حضور” المواطن في الدولة، وبين التخوف على حصة الطائفة، لا أرى كيف للبنان أن يكون وطنا ودولة.