IMLebanon

رئيس بمواصفات الكنيسة المارونية

لعل العبارة التي استعارها وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق من بيانات بكركي الرئاسية هي خير تعبير عما نطمح اليه جميعاً في الاستحقاق الرئاسي المقبل علينا في زمن لا يمكننا تحديده بعدما قارب الشغور الرئاسي حدود السنتين وأسقط كل محاولاتنا للتبصير بموعد تلو الآخر. انه “رئيس يلملم الشمل وينتخب وفقاً لسيرته بناء على ماضيه وحاضره ومستقبله”. وهنا تكمن المشكلة والحل معاً، وهو حل لن يعجب معظم الحزبيين في الذكرى الحادية والاربعين للحرب اللبنانية، لاننا نختلف في توصيف المرحلة السابقة وفي تصنيف زعماء الحرب الذين دخلوا السياسة والحكم من الابواب الواسعة، فكثيرون يعتبرونهم مقاومين كل في منطقته وطائفته وحزبه، وكثيرون ايضاً يرونهم مرتكبين، كي لا نقول مجرمي حرب. وبناء عليه، فان ماضي معظم “الزعماء” الحاليين، اذا افترضنا ان مواصفات الزعامة متوافرة فيهم، لا يشرّف، ولا يساعد في بناء مستقبل نطمح اليه. اما حاضرهم فأكثر مأسوية من ماضيهم، اذ انهم دخلوا جنة السلطة قبل 25 سنة، او اقل بالنسبة الى المسيحيين (بعد زوال الوصاية السورية)، لكن هؤلاء واولئك لم يفلحوا في اعادة الهيبة الى الدولة ومؤسساتها، بل لم يسعوا بشكل جدي لاعادة بناء الدولة، دولة ما بعد الحرب التي تبدلت كثيراً. هؤلاء لا يتفقون على انتخاب رئيس، وعلى قانون للانتخاب، وعلى النفايات، وعلى النفط، وعلى امن الدولة، وعلى التعامل مع اللاجئين، ومع المخيمات، ومع الحدود…

يتصارعون ويبدلون تحالفاتهم غير المبدئية، ويقدّمون مصالحهم الشخصية، ووارثيهم السياسيين والماليين على ما عداها. واعود الى وصف الوزير المشنوق : “ما يجري هو صراع طموحات وتصورات لا علاقة لها بانتظام العمل السياسي في لبنان، ومحاولة فرض اجتهادات وأعراف لا علاقة لها بالدستور الذي تتمسك بكركي وسيّدها بحمايته(…) اما المدخل للتعامل مع هذه الطموحات والتصوّرات فلا يمكن أن يمرّ من خارج الدستور القائم. لنذهب الى انتخاب رئيس بمواصفات الكنيسة المارونية، ولنعد الى تكوين السلطة بما يحمي الدولة، التي هي صخرة اللبنانيين جميعاً، ولننطلق من جادة الصواب نحو اي تطوير ممكن للنظام السياسي اللبناني”.

اذاً يكمن الحل الاول، او المنطلق الى الحلول، بانتخاب رئيس للجمهورية، وقد بات من الافضل ان يكون من خارج ما سمي اتفاق الاربعة الكبار في بكركي، اذ ان الكنيسة المارونية حددت المواصفات التي لا تنطبق على معظمهم في سيرته، والاخطر في مستقبله المبني على ماضيه وحاضره. والكنيسة المارونية في هذا المجال وصفت بمبدئية بعكس ما فعلت في اجتماع الاربعة. وليطلق الرئيس الجديد ورشة عمل وطنية نحو تطوير النظام اللبناني الذي بات حاجة وطنية ملحة حتى لا تتكرر حالة الشغور الرئاسي وحالات الصراع في الحكومة ومجلس النواب والاجهزة الامنية والتفتيش المركزي والقضاء وغيرها.