يمكن الجزم بأن اللبنانيين نسوا عدد الجلسات النيابية التي فشلت في إنتخاب رئيس للجمهورية، والتي كان آخرها أمس ليكون الموعد في2 حزيران المقبل، أي بعد أن يتم لبنان عامين كاملين على الشغور الرئاسي في 25 أيار، لكن مفارقة جلسة الامس أنها حصلت خلال بدء موسم الانتخابات البلدية وإنجاز مرحلتها الاولى في بيروت والبقاع، والتي كانت مناسبة عبّر خلالها كل السياسيين من المواظبين على حضور جلسة إنتخاب رئيس، والمقاطعين لها عن تمنياتهم بأن تكون هذه الانتخابات مدخلاً للإنتخابات الرئاسية، مع الاشارة إلى أن إنعقاد الجلسة تزامن مع رسالة وجهها الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إلى رئيس المجلس النيابي نبيه بري، أكد فيها «العمل من أجل حل أزمة إنتخاب رئيس الجمهورية«، ومع زيارة البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي لباريس حيث يحضر الملف الرئاسي كبند أساسي في إتصالاته.
كل ما سبق يجعل السؤال مشروعاً عما إذا كانت الامنية التي أطلقت بأن «تكون الانتخابات البلدية فأل خير لحلحلة الملف الرئاسي« ستتحقق، فيجيب وزير الاعلام رمزي جريج «المستقبل« بالقول:» بينت الانتخابات البلدية تعطش اللبنانيين لتداول السلطة، حيث نزل الآلاف منهم إلى صناديق الاقتراع ، وكأنهم بذلك يضعون الكرة في ملعب النواب الذين يعطلون إنتخاب رئيس»، ويتمنى جريج «أن تكون الانتخابات البلدية مفتاح الحل للأزمة السياسية في البلد وعودة الحياة إلى المؤسسات الدستورية، خصوصا أن أصدقاء لبنان يقومون بجهدهم لتحريك هذا الملف، لكن الامر يتطلب يقظة ضمير من النواب لكي ينتج هذا التحرك أمراً إيجابياً، علماً أن الافق الرئاسي يبدو غير واضح إلى الآن وكأنه علينا الاستعانة برأي ليلى عبد اللطيف».
عند عضو كتلة «المستقبل« النائب نبيل دي فريج تبدو الامور أكثر وضوحاً، إذ يلفت الى أنه «لا يمكن التفاؤل بإمكانية إجراء إنتخابات رئاسية قريباً، بسبب الصدى الإيجابي الذي تتركه الانتخابات البلدية، لأن الملف الرئاسي دخل في الفراغ الطويل بعد الجلسة التي نال فيها المرشح سمير جعجع 48 صوتاً، وامتنع نواب حزب الله والتيار الوطني الحر عن حضور الجلسات كي لا يكتمل النصاب، وهذا ما أدخل الانتخابات الرئاسية في أتون الحسابات الخارجية وأبعده تماماً عن اي تطور إيجابي داخلي».
ويضيف: «لا شك في أن الحراك الاقليمي في الملف اللبناني مفيد، لكن ترجمة النتيجة بيد إيران وليس في يد أي طرف آخر».
ويعتبر عضو كتلة «التحرير والتنمية« النائب ياسين جابر ان «الانتخابات البلدية مؤشر جيد لإمكانية إجراء الانتخابات النيابية، لكن العبرة التي يمكن أن نأخذها منها، في ما يتعلق بالرئاسة الاولى، هي أنه إذا كان هناك طرف يدعي أنه المسيطر على الساحة المسيحية ومصر على إنتخابه رئيساً، فإن هذه الانتخابات أظهرت أن هذه المقولة غير صالحة وعليه التفكير مرتين من الآن وصاعداً، في نتائج انتخابات بيروت وزحلة خصوصاً أن المسلمين هم الذين أمنوا الميثاقية في انتخابات بيروت».
ويضيف: «من الواجب انتخاب رئيس سريعاً قبل إجراء الانتخابات النيابية، لكن لا يمكن أن ننكر أن الملف الرئاسي مرتبط بملفات المنطقة، وبالتالي لا يمكن الجزم بإمكانية إنجازه قريباً كما لا يمكن القطع بأن الفراغ الرئاسي مستمر إلى ما لا نهاية، فالمحادثات حول ملف اليمن تسير بشكل جيد وجميع الاطراف تريد تكريس الهدنة في سوريا، ومن المتوقع أن يطال لبنان في هذه الحال جزء من الحلول التي سترسو في المنطقة».
ويوافق عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب فادي كرم على «أنه لا يمكن الربط بين الانتخابات البلدية والتفاؤل بقرب إجراء انتخابات رئاسية«، بل أن الرئاسة مرتبطة برأيه «بحسابات حزب الله الاقليمية».
ويضيف: «للأسف لن ينتج عن الحراك الدولي الحاصل أي ثمار إيجابية، بل أن هذا الحراك هو من باب الضغط على إيران وحزب الله فقط، لكن إيران لن تبيع هذا الملف إلا على طاولة مفاوضاتها مع المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الاميركية».