IMLebanon

الرئيس «الأهوج» والقرار «الأحمق»  

 

طلب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من إدارته أن تحذّر مواطنيها في فلسطين المحتلة من التوجه الى القدس في هذه الأيام لأنهم «قد» يتعرضون للأخطار. بكلام آخر إنّ الرئيس «الأهوج» كما يسمّونه في الإعلام الأميركي والدولي (وهذا أفضل وصف «إيجابي، يطلقونه عليه) و«الرئيس الأحمق» (كما يسمونه عموماً) يدرك بداهة أن قرار الإعتراف بالقدس «عاصمة أبدية» لإسرائيل هو مغامرة غير مأمونة الجوانب كافة، وأنها تفتح الشهيّة على دورة عنف لن يكون مسرحها الشرق الأوسط وحده، بل ربما العالم كله، وبالذات الولايات المتحدة الأميركية، فتتضرر المصالح الأميركية ويدفع الشعب الأميركي أثماناً باهظة لركوب رئيسه مراكب خشنة ليس في حاجة أو ضرورة أو مبرّر لركوبها.

 

ولا شك في أنّ الأرضية خصبة، من أسف شديد، لدورة العنف التي لا نملك أي معلومات في شأنها إلاّ أننا ندرك بداهة أنها قد لا تنتظر طويلاً بعد إعلان دونالد ترامب هذا الموقف الذي لم يجرؤ على إعلانه كبار الرؤساء الأميركيين بمن فيهم أولئك الذين تعهدوا في معاركهم الرئاسية وفي خطبهم أمام الكونغرس (بالغرفتين: الشيوخ والنواب) بأن يعترفوا بالقدس عاصمة للدولة العبرية. علماً أن «اليهود الأرثوذكس»، أي الأصوليون، يعتبرون قيام دولة إسرائيل في الأساس مناقضاً لإيمانهم… فهم يؤمنون  بأن «إسرائيل» حال طارئة صهيونية لا ينتمون اليها، فانتماؤهم هو لدولة اسمها فلسطين عاصمتها القدس.

ولا نظن أننا نقرأ في الغيب إذا توقعنا أن يتعرض الرعايا الأميركيون والمصالح الأميركية الى أخطار وأضرار موصوفة، نحن ضدّها في المبدأ والتفصيل… إلاّ أن الذين سينفذونها لا يهمهم رأينا، ولا ينتظرونه في أي حال. نقول إن من لا يتوقع ذلك إما جاهل أو متجاهل، أو ربما هو يراهن على أن الأحداث الأليمة العاصفة بالعالم العربي وبالعالم الإسلامي عموماً قد روّضت أو «دجّنت» الإنسان العربي والمسلم. ونحن نرى العكس.

لذلك نقول إننا لا نضرب في الرمل ولا نقرأ في الغيب إذا ما توقعنا تطورات مؤذية تستهدف المواطن الأميركي (البريء بالطبع) ليدفع (ونكرر القول) ثمن حماقات رئيسه.

وفي التقدير أنّ ترامب ربما يسعى الى صرف الإهتمام، في الولايات المتحدة، عن مصيره في الرئاسة المهدد جدياً جراء المراحل التي قطعتها التحقيقات في التدخل الروسي في الإنتخابات الرئاسية الأميركية دعماً لحملته الإنتخابية، وبطلب من المسؤولين عن الحملة الإنتخابية، على حد ما جرى تعميمه في الأيام الأخيرة، وبالتالي فهو «يفتعل» هذه الأزمة الدقيقة، ويستعدي العالم كله تقريباً (حتى الصين استنكرت ونصحت بالتراجع، وكذلك روسيا ومعظم عواصم العالم، وبالذات في بلدان أوروبا الغربية، أما تركيا فلوّح رئيسها أردوغان بقطع العلاقات مع إسرائيل الخ).

وعلى المستوى الشخصي نحن نؤمن بأنّ القدس ذات رسالة مهمّة ذكرها قداسة البابا فرنسيس الأول أمس وهو يدعو الى التراجع عن القرار المرفوض كونها مقراً للديانات السماوية الثلاث اليهودية والمسيحية والإسلام… ولا يجوز أن تكون تحت سيطرة دين واحد منها. فمن منطلق لبناني، وعربي، ومسيحي نرانا نرفع الصوت اعتراضاً على القرار الغبي، ولكنه بالغ الخطورة. وفي إيماننا أن هيكل سليمان قد سقط الى لا رجوع والى لا قيامة («لن يبقى فيه حجر على حجر»)، حسب ما قال معلمنا الإلهي.