IMLebanon

«خطاب القسم» يحقق إجماعاً لم يشهده انتخاب رئيس  

حقق «خطاب القسم» الذي ألقاه رئيس الجمهورية ميشال عون فور انتخابه إجماعاً واسعاً، محلياً وخارجياً، رغم ان انتخابه لم يأت جامعاً بسبب وجود معارضة تجلت في اوراق بيضاء وملغاة كان بمقدور اصحابها تعطيل نصاب جلسة الانتخاب لو ارادوا التمثل بما جرى في الجلسات السابقة التي بلغ عددها 44 جلسة فرضت عامين ونصف العام من الفراغ الرئاسي.

وباعتبار «خطاب القسم» يجسد الخطوط السياسية الرئيسة للعهد الجديد فقد كان من الطبيعي ان يلقى ترحيب منتخبيه، لكنه نال كذلك ترحيب ابرز من تنصلوا من انتخابه على غرار رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي اعلن وفق ما نقل عنه «استعداده ليكون اول المتعاونين مع فخامته لإطلاق عجلة الدولة» او رئيس الحكومة الاسبق فؤاد السنيورة الذي قال «اعجبني وسنتعاون».

وبعد الخطاب الذي خلا من ثلاثية «الشعب والجيش والمقاومة» وشدد على التزام المواثيق العربية والدولية، توالت التهاني الخارجية للرئيس المنتخب رغم ما كان يشوب مواقفها السابقة من تحفظات. فمن الولايات المتحدة الى غالبية الدول الاوروبية والعربية توافقت جميعها على الامل بالعهد ولفتت الى ضرورة الاسراع في تشكيل الحكومة، فيما ركز بيان مجلس الامن الدولي على «ضرورة النأي بالنفس والتزام بيان بعبدا» الذي نال موافقة كل الاطراف في عهد الرئيس السابق ميشال سليمان وان تنصل منه «حزب الله» لاحقا.

ويرى سياسي لبناني وسطي أن مسارعة ايران بلسان مسؤوليها الى اعتبار وصول عون الى سدة الرئاسة الاولى انتصاراً لمحورها «محاولة استباقية لطبع عهده بالانحياز» وبصبغة تتناقض مع ما ورد في «خطاب القسم» من تمسك بتحييد لبنان وبالعروبة وخصوصا بـ«اتفاق الطائف». فهذا الاتفاق كان على وشك الاندثار لمصلحة مؤتمر تأسيسي يقوم على المثالثة بدل المناصفة، لو استمر الفراغ لحين موعد الانتخابات النيابية المقبلة التي ستصبح بعدها الحكومة لمجرد تصريف الاعمال في غياب من بإمكانه اجراء الاستشارات النيابية للتكليف والتشكيل الحكومي.

صحيح ان الاطراف المحلية وخصوصا «القوات اللبنانية» و«تيار المستقبل» ساعدت على وصول عون، مرشح «حزب الله» اسميا فيما مرشحه الفعلي الفراغ، الى كرسي الرئاسة الاولى بما يعني «قرارا محليا»، لكنه مرّ في لحظة اقليمية ودولية مناسبة وفي الوقت الاميركي الضائع قبيل انتخاب رئيس جديد. لذا فان وجود الرئيس عون في هذا المنصب حمى «اتفاق الطائف» اقلّه لست سنوات ولايته، خصوصا وانه اكد في خطاب قسمه التزامه «ضرورة تنفيذ وثيقة الوفاق الوطني بكاملها من دون انتقائية او استنسابية»، مشددا على ان تطويرها وفق الحاجة يتم «من خلال توافق وطني». لقد ادار ملء الفراغ الرئاسي عجلة الخطوات الدستورية التي انطلقت بالأمس عبر استشارات نيابية ملزمة لتسمية شخصية تكلف تشكيل حكومة العهد الاولى، وتنتهي مساء اليوم، بتكليف رئيس «تيار المستقبل» الرئيس سعد الحريري بغالبية كبيرة وفق ما تدل الارقام التي حصل عليها في نهاية اليوم الاول. ويذكّر المصدر بأن الحريري عام 2009 نال 86 صوتا لتشكيل حكومته الاولى، لافتا الى ان ارتفاع عدد الذين يرشحونه يوحي بأن التأليف لن يكون بالصعوبة التي يتخوف منها البعض.

فبنظره، لا مصلحة لأي طرف سياسي بالعرقلة وفرض التأخير لأشهر كما جرى مع الحكومات السابقة، خصوصا وان المشاركة في الحكومة تشكل رافعة بالنسبة للانتخابات النيابية المفترضة بعد ستة اشهر. كما ان العجلة الاقتصادية – الاجتماعية التي ينتظر المواطن دورانها لا تستسيغ التأخير الذي يعني أولاً عرقلة لكل انطلاقة العهد الجديد.