Site icon IMLebanon

رئيس مطوَّق بالعقوبات

في زمن انعدام التوازن، أطلق أحدهم معادلة تشبة النكتة لكنّ فيها شيئاً من الحقيقة.

تقول هذه المعادلة إنّ من مصلحة الدكتور سمير جعجع الذي رشّح العماد ميشال عون أن يطلب من الرئيس سعد الحريري، التمسّك بترشيح النائب سليمان فرنجية الى النهاية، ما دام هذا الترشيح قد عطّل انتخاب العماد عون، وما دام الترشيحان قد عطّلا بعضهما البعض فلا بأس من تحمّل مخاطر الفراغ على تحمّل رئيس لست سنوات، يلتزم من دون تردّد أجندة «حزب الله» التي توسّعت ووصلت الى حدِّ تهديد القطاع المصرفي.

في زمن انعدام التوازن، لم تعد تجوز المقارنة بين ما حقّقه فريق «14 آذار»، من توازن مجبول بالدم بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، في مرحلة استمرّت من 14 شباط 2005 حتى السابع من ايار 2008، فما يوجد من أدوات اليوم لاستعادة التوازن في مواجهة «حزب الله» إمّا انها لا تكفي، او أنها لم تعد تصلح، وبالتالي باتت الواقعية السياسية تُحتّم ضرورة التعايش مع الانتظار، وترقب ما سيحصل في سوريا والمنطقة.

في زمن الانتظار، بات من المستغرب مثلاً أن يدعو الحريري إلى إفطار يجمع قوى «14 آذار»، فماذا سيقول في هذا الافطار وأيّ «14 آذار» سيُخاطبها؟ وهل سيعلن مثلاً عن مبادرة لوضع ترشيح فرنجية في الثلاجة، أم سيعلن عن تعليق الحوار الثنائي مع «حزب الله»، ام عن الاستقالة من الحكومة، وكل ذلك ليس وارداً، لا بل انّ ما أعلنه الحريري هو الاستمرار في الحوار الثنائي، وإطلاق عجلة المراجعة التنظيمية داخل تيار «المستقبل»، في مشهد يُوحي كأنّ ما حصل منذ السابع من ايار من تراجع، كان مجرّد أزمة تنظيمية داخل التيار الذي يمثّل غالبية الطائفة السنية.

الأزمة في مكان آخر بالتأكيد، وهي يمكن أن تأخذ أشكالاً أكثر عنفاً بعد استهداف مصرف «لبنان والمهجر»، الذي أعطى انطباعاً بأنّ هناك مواجهة تشبه ما حصل بعد صدور القرار 1559، الذي كان احد أسباب اغتيال الرئيس الحريري، هذه المواجهة يخوضها «حزب الله» اليوم، في مواجهة لا احد في الداخل، وهي تختلف جذرياً عن المواجهة ضد القرار 1559 لاعتبارات كثيرة أهمّها، أنّ العقوبات الاميركية غير قابلة لأن توضع على طاولة حوار داخلي، كما أنّه من المتعذر على أي مصرف لبناني ان يتجاوزها، وإلّا دفع الثمن المصرف نفسه والقطاع المصرفي بأكمله.

ويبقى السؤال: كيف سيختار «حزب الله» خوض هذه المواجهة وما هي خياراته الرئاسية؟ وهل يمكن أن يعدّل موقفه من الترشيحين، بحيث يلغي واحداً لصالح الآخر، وهل سيترك للعماد عون بعد ذلك أن يحرج الرئيس سعد الحريري بعرض مغرٍ مفاده اقتسام قصر بعبدا والسراي بالتكافل والتضامن؟

الجواب على ذلك رهن الاسابيع المقبلة، وأولى المؤشرات سحب ترشيح النائب سليمان فرنجية، الذي سيكون المدخل الى إحراج الحريري، او إغرائه بقبول الصفقة الرئاسية، التي لا يمكن ان تتجاهل من وجهة نظر «حزب الله» أنّ هناك انتخابات أميركية مقبلة يمكن أن تأتي بالجمهوريين الى البيت الأبيض وبسياساتهم المتشددة تجاه ايران.

الواضح أنّ خيار «حزب الله» الرئاسي رسا على العماد عون، لأنه الوحيد القادر على تقديم الخدمات الثمينة في زمن الحصار المضروب حول الحزب، لكنّ اتساع نطاق المواجهة، لم يعد يتيح القدرة لأيّ موقع داخلي وخصوصاً رئاسة الجمهورية، على التأثير في القرارات الاميركية والعربية والدولية التي تطوّق الحزب، وأي رئيس حليف للحزب، وخصوصاً العماد عون، سيجد نفسه هو الآخر مطوّقاً، وغير قادر على تقديم الغطاء الشرعي للحزب، في المحافل الدولية والعربية، وهذا عنصر آخر يفترض بـ»حزب الله» أن يأخذه في الاعتبار عندما يُقرّر متى يفرج عن انتخاب رئيس الجمهورية.