ما يبدو مراوحة في الزمان والمكان بالنسبة الى الإستحقاق الرئاسي، ليس كذلك على الإطلاق. فإذا كان وجه المياه هادئاً فالبحيرة ليست راكدة. إذ تحت هذه الصفحة الهادئة حراك لا يتوقف وإن كان غير منظور، لكنه معلوم.
الحراك يدور، فعلياً، حول نقطتين متوازيتين:
الأولى يقودها الرئيس نبيه بري ورئيس اللقاء الديموقراطي وليد جنبلاط، وتدور حول التوصل الى توافق على رئيس تلتقي حوله الأطراف جميعها أو أكثرها.
وفي هذه النقطة بالذات تجرى غربلة للأسماء لا تتوقف… والغربلة تدور على البضعة أسماء المعروفة والمتداولة مع أفضلية لهذا أو لذاك… وإن كانت أرجحية الخيار، الذي لم يصبح حاسماً بعد تراوح بين شخصية سياسية ذات خبرة مشهودة وتجربة سابقة في الوزارة مرموقة وشبكة علاقات إقليمية (…) وبين شخصية ديبلوماسية محترمة ذات خبرة أمنية وعلاقات مع «الكل» تقريباً تبدأ ببكركي ولا تتوقف في الڤاتيكان، وتحظى بالإحترام والتقدير.
وسيستمر الحوار داخل هذه النقطة قدر ما يستمر أمل القائمين بها والمؤيدين لها من غير طرف من طَرَفي النزاع الداخلي. وفي تقدير المتحمسين لهذا الرأي أنّ صعوبات تحول دون وصول أحد الأربعة الذين يسمونهم «الأقوياء»، فالدكتور سمير جعجع سحب ذاته من المنافسة منذ ما قبل إعلان دعمه وتبنيه ترشح العماد ميشال عون، والشيخ أمين الجميل لايزال حزبه يسعى لتسويقه ولكنه لم يصل، بعد، الى «المعدّل» المطلوب ليكون الترشح ذا فاعلية. والعماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية وُضعا في مواجهة أحدهما الآخر من حيث لم يكونا ينتظران، أو أقله من حيث لم تكن الرابية تنتظر هذه المواجهة، أمّا النائب فرنجية فتكشفت التطورات عن انه كان يتوقعها بدليل ما تبين من أن عملية ترشيحه بدأت تنمو «جدياً» في التجربة الرئاسية منذ أشهر غير قليلة.
أمّا النقطة الثانية فتختلف كلياً عن الأولى، بل تذهب الى حد كونها نقيضاً عملياً لها.
ففي هذه النقطة ليس مفاجئاً إلغاء جلسة كتلة نواب الوفاء للمقاومة الذي كان مقرراً عقدها مساء يوم الخميس الماضي (أول من أمس). ذلك أن سماحة السيّد حسن نصراللّه ما زال يثق باستحالتين:
1- إستحالة التخلي عن دعم ترشح العماد ميشال عون مهما طال الزمن.
2- إستحالة النزول الى مجلس النواب بمنافسة حادة بين حليفيه العماد عون والنائب سليمان فرنجية… وانه سيبقى على هذا الموقف مهما طال الزمن أيضاً.
هنا يدور الحراك تحت صفحة مياه الإستحقاق التي تبدو هادئة.
وفي المعلومات أن سماحة أمين عام حزب اللّه واثق من أنّه سيصل الى نتيجة. ويذهب البعض الى حد القول ان نقطاً إيجابية عدة سُجّلت في هذا المجال، وانّ الأمور متجهة الى أن تتبلور أكثر فأكثر ليس بالضرورة في القريب العاجل، إنما في مهلة زمنية قد لا تكون طويلة جداً.
إذاً المشهد هنا. وهو هكذا، كما أسلفنا أعلاه، وهو قد لا يكون ثابتاً إذا حدث تطور إقليمي بارز يكون من شأنه أن يسجّل خرقاً جذرياً في المشهد ذاته…
أي أنّ الرهان هو على التطورات الإقليمية تحديداً، باعتبار أنّ الدول الكبرى إما غير مبالية (مثل الولايات المتحدة الأميركية) وإما غير فاعلة أو لم تعد فاعلة (مثل فرنسا).