Site icon IMLebanon

تباعُد وجهات النظر يُبعد.. «الاتفاق الرئاسي»

 

يحاول الموفدون الدوليون الذين زاروا لبنان أخيراً، وفي مقدّمهم الموفد الرئاسي الروسي ميخائيل بوغدانوف تهيئة مناخ ملائم لحصول اختراق في ملف انتخابات رئاسة الجمهورية، من شأنه جمع الأفرقاء اللبنانيين على مرشح واحد.

وتفيد مصادر ديبلوماسية بارزة أنّ بوغدانوف، وفي حصيلة لقاءاته في لبنان من أجل الخروج من الأزمة، وجد أنّ الأمور لا تزال معقّدة وصعبة وأنّه لم يلمس أي تقارب في وجهات النظر. وهو يرى أنّه في حال وُجدت إرادة واحدة لدى اللبنانيين، فإنّ الدول ستبارك هذه الإرادة، مع أنّه يعتقد أنّه بإمكان اللبنانيين أن يتفاهموا بسهولة على مرشح توافقي. وأشارت المصادر إلى أنّ بوغدانوف لم يطرح أسماء محدّدة، وأنّ روسيا لا تدخل بالأسماء، بل إنّها تقف إلى جانب ما يُجمع عليه اللبنانيون، أي أن يكون الرئيس توافقياً. وروسيا بالتالي، تعتبر الملف الرئاسي شأناً داخلياً لبنانياً، وهذا موقف روسي ثابت. إنّما حاول بوغدانوف تسهيل الملف على اللبنانيين في إطار المساعدة، لكنه وجد أنّ الصعوبات لا تزال حاضرة بقوّة، وأنّ الخلافات ما زالت تعوق العملية الانتخابية، وأنّ الانقسامات السياسية على حالها. لكنه لا يزال في الوقت نفسه يأمل من جرّاء فكرة لديه، وهي أنّه في لبنان ليس هناك شيء مستحيل. وهذا ما حصل سابقاً في مراحل صعبة مرَّ بها لبنان خلال الحرب الأهلية، ومن ثم إلى اتفاق الطائف، ولاحقاً اتفاق الدوحة، إذ لا شيء مستحيلاً في السياسة اللبنانية، وهناك ما يسمَّى دائماً بصفقة اللحظة الأخيرة. روسيا دائماً تقف إلى جانب عدم التدخُّل، وتعتبر بشكل ثابت الرئيس التوافقي هو الأفضل للبنان.

وفي هذا الإطار، أكدت المصادر أنّه على الرغم من أن ليس هناك أي دولة إقليمية أو كبرى تعترف بأنّها تتدخَّل، ولو للمساعدة أو غير ذلك، فإنّ الشأن الرئاسي هو موضوع توافق إقليمي دولي. الدول كلها تقول افسحوا المجال أمام اللبنانيين لكي يقرّروا مَن هو رئيسهم، ومن المستحيل أن يقول الأميركيون أو الروس أو العرب أو إيران إنّهم يتدخلون في الرئاسة، إنّما كل دولة لديها أجندتها، وعدم التوافق في ما بينها على قواسم مشتركة يعرقل الانتخابات الرئاسية، روسيا تقول إنّها تساعد اللبنانيين ليتفقوا، لكنها لا تتدخَّل.

الموقف الأميركي دائماً يمتاز بأنّ الإدارة لا تتدخَّل في الشأن اللبناني وتحديداً في الرئاسة. إنّما واشنطن تعتبر نفسها أيضاً تساعد على الاتفاق على رئيس. وفرنسا لديها الموقف نفسه. الفرنسيون يتحرَّكون في شأن تسهيل الرئاسة بتنسيق مع واشنطن، التي بدورها لا تعترض على التحرَّكَين الفرنسي والروسي طالما لن يحصل أي أمر عملياً من دون موافقتها.

لبنان لا يزال يتأثّر بالأزمات الكبرى في المنطقة والعالم والمواقف الدولية منها. الملف الرئاسي دخل في هذا الإطار، أمّا بشأن وضعَيه السياسي والأمني فقد تحقّق نجاح إلى حد كبير في تحييدهما عن أوضاع المنطقة. روسيا لا تزال تأمل بخروج لبنان في ملفه الرئاسي من أجواء التعقيدات. من جملة الانعكاسات على لبنان «عضّ الأصابع» المستمر بين واشنطن وموسكو حول أوضاع أوكرانيا والنفط العالمي. كما يتأثَّر لبنان أساساً بالمحاور الإقليمية والدولية. كانت هناك فرصة لو تمَّت لكان ممكناً حصول توافق خارجي على الملف الرئاسي وهي توقيع الاتفاق الغربي الإيراني حول البرنامج النووي.

الآن، تكشف المصادر، أنّ هناك توقّعات دولية عن حصول اتفاق على المبادئ العامّة للاتفاق النهائي حول البرنامج، قبل نهاية شهر شباط المقبل، أي في غضون أقل من ثلاثة أشهر. على أن يتوَّج ذلك باتفاق في مدّة لاحقة لا تتعدَّى المهلة الممدّدة، أي تموز، وأي توافق سينعكس على الدول في المنطقة والملفات المفتوحة والمعقّدة.

وإذا حصل ذلك، فمن المؤكد أنّ انفراجاً كبيراً سيشهده ملف الاستحقاق الرئاسي اللبناني، فضلاً عن توقُّع انفراج في أوضاع كل من اليمن والبحرين والعراق، وكذلك إمكان إرساء حل لسوريا، نظراً إلى أنّ ملفات المنطقة مربوطة ببعضها بعضاً.