صحيح ان عودة الرئيس سعد الحريري الى لبنان مرشحة لان تستقطب الاضواء بالنسبة الى الانتخابات الرئاسية غير ان المطلوب من الجميع خصوصا حزب الله، الخوض في الانتخابات الرئاسية وحسم الموضوع بمعزل عن كل ما يقال عن ان الظروف ليست مهيأة لذلك، فيما العكس صحيح لاسيما عندما يقال على لسان الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ان نتيجة الانتخابات ستصب في مصلحة الحزب وقوى 8 اذار ايا كان الفائز فيها، نظرة لانتماء المرشحين رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية الى قوى الثامن من اذار وهذه الحقيقة لا تحتمل تأويلا؟!
واذا كان هناك من يجزم بأن السيد نصر الله كان يفضل الاستمرار في تعطيل الجلسات فانه سيجد الاغلبية النيابية الى جانب اجراء الانتخابات الرئاسة حيث شبع الجميع من الفراغ الرئاسي وليس من عكسه، الا في حال كانت رغبة بترك الامور سائبة طالما ان ذلك يخدم مصلحة حزب الله ومن يتمنى استمرار الفراغ الرئاسي!
ان كلام الامين العام لحزب الله اليوم، اظهر صراحة انه يرفض تحدي الرئيس سعد الحريري مفضلا عليه خيار المد في عمر الازمة قبل ان تتضح ظروف المعركة والاتجاه الذي ستسير اليه النتيجة، وما اذا كانت ستصب في مصلحة الحزب ليس الا، مع العلم في هذا المجال ايضا ان انتخاب النائب سليمان فرنجية سيظهر قوى 8 اذار اقل تأثيرا في مجريات السياسة اللبنانية على رغم ما قيل ويقال عن ان الرجل (فرنجية)، قد لا يكون في مصلحة حزب الله بقدر ما سيكون في صف من ساعده على الوصول الى قصر بعبدا (…).
ان محاولة نصر الله التنصل من معركة رئاسة الجمهورية لن تكون في مصلحته، لان المطلوب منه اولا واخيرا النزول الى مجلس النواب لتكريس من تكون له الرئاسة، لاسيما ان التحدي سيظهر من لحظة اعلان النتيجة التي لا بد وان تغير النظرة الى السلطة والى من سيتبوأ الرئاسة قبل كل ما عدا ذلك من عرض عضلات لن يفيد سوى الذين لا يريدون الانتخابات الرئاسية بحسب ما اعلنه رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط في شرح وجهة نظره؟!
المهم في النتيجة هو ان يكون للبنان رئيس في الثاني من اذار المقبل، لا ان يستمر شد الحبال خارج هذا الاستحقاق الدستوري الذي لا بد من ان يتحقق مهما كانت صورة الرئيس العتيد، وهذا ما سبق لرئيس تيار المستقبل النائب سعد الحريري ان اعلنه وزاد عليه انه سيكون اول من يهنئ الفائز احتراما منه للمنصب ولهذا المسعى الذي سيجمع اللبنانيين تحت لوائه كرئيس للجميع وليس لحزب او طائفة ام جماعة سياسية؟!
لقد تبين صراحة ان الهاء اللبنانيين بالكلام الذي صدر عن الرئيس الحريري بصدد علاقته مع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع لم تكن الغاية منه سوى التشكيك بالعلاقة التي تجمع بينهما، الى درجة دفعتهما الى القول صراحة انهما لم يتأثرا بكل ما صدر من مواقف وتعليقات لانهما يلتزمان بخط سياسي بعيد تماما عن خصوصية المصالح الشخصية الى كل ما له علاقة بالمصلحة العامة، وتبين من كلامهما على الموضوع انهما لم يتأثرا بكل ما تردد لان العلاقة التي تجمع بينهما تتجاوز الكلام الى الافعال بدليل ما شرحاه بصريح العبارة قبل لقاء معراب وخلاله وبعده الى حد تجنبهما كل ما قيل عن برودة مرتقبة بينهما؟!
بالنتيجة، هناك رئاسة جمهورية ينظر اليها سعد الحريري وسمير جعجع على اساس حاجة البلد الى رئيس دستوري يجمع كل ما من شأنه ان يوحد البلد، ويبتعد عن كل ما من شأنه لعب دور الرئاسة الخصوصية لطائفة او جهة وهذا مرتقب ايا كان الرئيس الجديد المطالب بأن يعرف ما عليه ويؤدي دوره بامانة هذا في حال كانت رغبة في تعافي البلد وليس في الاستمرار بما هو قائم منذ زهاء سنتين!
يبقى القول ان كلام السيد حسن نصرالله سيشكل نصف الطريق الواجب على الجميع السير فيه بمعزل عن التحديات خصوصا ان الرئاسة الاولى ليست مجرد عملية حسابية سطحية بين 8 و 14 اذار وهذا ما على الجميع ان يدركه قبل ان تتطور الامور بالاتجاه الذي ابقى الفراغ في رئاسة الجمهورية بمستوى الفراغ المهيمن على مجلس النواب وعلى الحكومة في وقت واحد، من غير ان يستفيد منه سوى الساعين الى استمرار الفلتان السياسي والامني المهيمن على البلد لما فيه مصلحة الغرباء ممن لا يهمهم وحدة لبنان والاستقرار المرجو الذي لا حياة للبنان وشعبه من دونه؟!