الرئاسة بين أولويات الاقتصاد والإرهاب
فصل مسارات للدفع نحو «حلّ لبناني»
إذا سارت الأمور على ما يرام، فيبدو أن الأمل اللبناني بانعكاسات إيجابية للاتفاق النووي على ملفاته الداخلية، لن يكون صعب المنال أو بعيد التحقيق. إذ يكشف مصدر ديبلوماسي غربي أن «هناك مسعى جدياً ستباشره بعض دول القرار والفاتيكان لإقناع السعودية وإيران بإنجاز ملف لبنان سريعاً، لأنه الأسهل طالما أن هناك حكومة فيها حزب الله وتيار المستقبل وطالما هناك حوار عند الرئيس نبيه بري يضمّ المستقبل والحزب». ويقول المصدر إن «المسعى ينطلق من ضرورة إنجاز ملف لبنان وعدم ربطه بملفات اليمن وسوريا والعراق، والأهم أنه لن يكون من باب التمني، إنما ستختلف اللهجة، حيث سيُقال لكل من الرياض وطهران: نحن نعتبر أن إيجاد حل للملف اللبناني هو مسألة في غاية الأهمية استراتيجياً».
ويقول المصدر الديبلوماسي إنه «إذا لم تستطع هذه الدول إقناع السعودية وإيران بضرورة إنجاز الملف اللبناني بشكل ملحّ، فإن ذلك سيعني ربط لبنان باليمن وسوريا والعراق (وهو أمر قد يكون مستبعداً إذا ما استمرت الاندفاعة الغربية لإنجاز الملف اللبناني سريعاً). أولاً لأن السعودية ليست مستعجلة لتغيير تمام سلام، وثانياً لأن إيران تعطي الأولوية لسوريا ولمحاربة الإرهاب».
أما في حال ترك الملف اللبناني للفرقاء اللبنانيين، فيرى الديبلوماسي أن ذلك يعني ربطه حكماً بملفات سوريا واليمن والعراق، وإطالة الوضع الراهن لسنوات. ويوضح أنه «يمكن لمس ذلك من أداء القوى والقيادات السياسية، فكل السفراء يشتكون من أن أحداً من الأفرقاء اللبنانيين لا يجلس معنا ويتحدّث استراتيجياً إنما يتحدث بأمور صغيرة، لجهة إبراز الصورة الإيجابية لهذا الفريق ولتلك الشخصية والعمل على محاولة الحصول على دعم في الخيار الرئاسي، ناهيك عن النميمة على الخصوم، بحيث تنتهي لقاءاتنا مع السياسيين بمجموعة من الصفحات التي لا ندوّن فيها إلا نميمة».
يعود الديبلوماسي الغربي إلى قراءة تداعيات الاتفاق النووي، ربطاً باحتمال التسريع في إنجاز الملف اللبناني، مشيراً إلى أنه «من المفترض أن يتكلّم الغرب مع السعودية وقطر وإيران، وان يدفع باتجاه الجلوس الى الطاولة لتأمين توازن مشترك قاعدته محاربة الإرهاب. وفي حال الوصول الى هذه المرحلة، يفترض أن تُعطى السعودية تعويضاً ما، إما في سوريا أو في اليمن أو في العراق أو في لبنان. ولكن بما أن إيران تعتبر أن محور طهران ـ بغداد ـ دمشق لا يمسّ، فهذا يعني إمكانية الحديث عن لبنان واليمن والبحرين».
ويتابع «نحن ذاهبون إلى مسعى للنظر بإمكانية الحل السياسي في لبنان والعراق وسوريا»، مشيراً إلى أن «نظرية» تقسيم دول المنطقة هو هدف استراتيجي غير صحيحة، لأنه على مر العقود كان يهم إسرائيل التفتيت والفوضى بينما يهتم الغرب لوجود مسؤول ثابت، أي نظام قوي يدير مصالحه معه.
ومع التذكير أن «الذي يحرّك العالم اليوم هو الاقتصاد، وإلى حدّ ما محاربة الإرهاب، لذلك اتجهت الانظار الى الاقتصاد العراقي والايراني باعتبارهما سوياً يشكلان ثقلاً ومصدراً استثمارياً ضخماً إقليمياً ودولياً. ولكن الخشية من الإرهاب وضعت الغرب أمام خيارين: إما نحن وايران والعراق ومَن نرغب نحارب سوياً الارهاب، أو نوجد تسوية مع السنة المعتدلين في السعودية ومصر وتركيا لكي نحارب الإرهاب سوياً.
غلبت الفكرة الاولى لجهة إقامة حلف غربي ـ ايراني ـ عراقي لمحاربة الإرهاب، وهو ما يفسّر مَن خرج في لبنان ليقول إن الاتفاق النووي يعني إنهاء دور الدول العربية، وهذا تحليل خطأ لأن الباب مفتوح واسعاً للعرب لكي يكونوا ركناً أساسياً في الحلف الدولي لمحاربة الإرهاب».
يضيف المصدر: «نحن تأكدنا أنه منذ انتخاب حسن روحاني رئيساً للجمهورية في ايران، فإن القيادة الايرانية أخذت خياراً اقتصادياً قائماً على التهدئة والانفتاح، ولكن يبقى السؤال: هل سيلاقي الايراني ذكاء عربياً عند الجلوس الى طاولة التفاوض؟، ليجيب السفير الغربي بنفسه: نحن لا نرى شخصية مثل محمد جواد ظريف أو مثل قاسم سليماني».