إعتباراً من اليوم ، يدخل القصر الجمهوري في بعبدا مدار الشغور الرئاسي، من دون أن تظهر في الأفق أي معالم توافق أو حوار أو تمهيد لانتخابات رئاسية وشيكة، مع العلم أن الإنهيار الذي يسود في أكثر من قطاع ومجال، قد بات يعكس مشهد الفراغ منذ مدة طويلة وتحديداً منذ العام 2019، كما تؤكد مصادر وزارية سابقة، إذ ترى أن الواقع الفعلي للحكومة المستقيلة اليوم، لم يكن في السابق يشير إلى فاعلية ملحوظة في مقاربة الملفات والأزمات على أنواعها التي باتت تواجه المواطن في يومياته، وبالتالي، فإن الشغور الرئاسي والذي سيُضاف إليه شغورٌ حكومي لم يعد يثير القلق أو حتى المخاوف، بدلالة عدم حصول أي تطوّرات دراماتيكية على مستوى سعر صرف الدولار في السوق السوداء في الدرجة الأولى.
وتكشف المصادر الوزارية، أن الحكومات السابقة لم تنجح في توقّع الإنهيار المالي، كما فشلت في مواجهته أو الحؤول دون الوقوع فيه، كما أنها لم تتمكن من إنجاز اتفاقٍ مع صندوق النقد الدولي من أجل الحصول على تمويلٍ يسمح بالخروج من دائرة هذا الإنهيار، الذي بات ينسحب على المؤسّسات بشكلٍ جليّ.
لذا، فإن المواجهة الحالية لمرحلة الشغور الذي يتكرّس اليوم، باتت تفترض التوصّل إلى صيغةٍ متقدّمة من الحوار والنقاش على مستوى وطني واسع، من أجل تفادي العودة إلى جولات التصعيد والتراشق السياسي الذي سُجّل في أكثر من محطة دستورية سابقة، وبالتالي ترى هذه المصادر، أنه لم يعد ملحّاً البحث عن سبلٍ لتفادي هذا الشغور بأي وسيلة وطريقة، إنما قراءة الوضع السياسي والإقتصادي الحالي، واستشعار الخطر الداهم، والعمل على مواكبة الرسائل الديبلوماسية الواردة إلى المرجعيات السياسية والحزبية في الآونة الأخيرة، من خلال دينامية سياسية تتماهى مع الفراغ أو الشغور الحالي، وتعمل على “إنقاذ ما يمكن إنقاذه” في المرحلة المقبلة، عبر تطبيق الدستور أولاً وآخراً.
وبالتالي، فإن تكليف الرئيس نجيب ميقاتي قد بات ساقطاً منذ اليوم وبعد انتهاء ولاية الرئيس عون، والبلد سينخرط في مرحلة من تصريف عمل المؤسّسات بالمعنى والإطار الضيّق، في ظل حرصٍ من قبل غالبية القوى السياسية على تفادي أي خطوات أو إجراءات تدفع نحو الصدام بين هذه القوى، كما تدفع نحو أزمةٍ دستورية نتيجة الخلاف على حول شرعية القرارات الحكومية، والتي قد تدفع بتكتل “لبنان القوي” إلى الطعن فيها في المرحلة المقبلة، علماً أن إطالة أمد هذا الشغور، قد يؤدي إلى مشاكل غير متوقّعة.
ولذا ووفق المصادر نفسها، فإن المعطيات الحالية ، خصوصاً على مستوى الكتل النيابية تدل على أن الشغور الرئاسي لن يكون طويلاً ، بسبب استشعار كل القوى دقّة المعادلة الداخلية تزامناً مع الوتيرة السريعة للتطورات الإقليمية والدولية، والتي ستؤثر عبر عدة مجالات في الوضع اللبناني الداخلي.