Site icon IMLebanon

الدوران الرئاسي في حلقة مفرغة؟!

 

بدا واضحا ان رئيس مجلس النواب نبيه بري  قد اقترب من الاعتراف باستحالة ترميم السلطة التشريعية، لذا فانه يركز على انقاذ الحكومة من ان تقود نفسها الى الاستقالة، بعدما اثبتت التجارب ان مجال انتخاب رئيس للجمهورية لم يعد متاحا قياسا على ما تعانيه السلطات الثلاث من تمزق في العلاقات بين بعضها البعض، كما تجدر الاشارة الى ان رئيس الحكومة قد فقد بدوره القدرة على التحكم بجلسات مجلس الوزراء، ما يعني ان السلطة التنفيذية قد شارفت على الافلاس وهذا ما ينطبق تلقائيا على مجلس النواب حيث لا جلسات ولا تشريع بما في ذلك «تشريع الضرورة»؟!

متتبعو التطورات عن قرب يقولون صراحة ان لا مجال امام احياء مجلس النواب، الا في حال التركيز على معرفة ما اذا كان بوسع المجلس انتخاب رئيس بمطلق وسيلة متاحة، فيما هناك من يجزم بان مرور الحكومة بقطوع تعليق جلسات مجلس الوزراء  سيؤدي تلقائيا الى ما يشبه الاستقالة على رغم المكابرة التي تصدر عن وزراء حزب الله والتيار الوطني، فيما هناك مواقف غير متماسكة لوزراء قوى 14 اذار ما يعني ان لا مجال بعد اليوم لانقاذ مجلس النواب من الانهيار!

هذا الكلام كثيرا ما تردد على السنة اصحاب الرأي من الجانبين، الى حد القول تكرارا ان مجلس النواب قد شارف على توديع مهامه التشريعية، لانه تحول الى عبء سياسي من المستحيل الاتكال عليه لانقاذ البلد من فراغ الرئاسة الاولى، كما تحولت الحكومة الى عبء سياسي مماثل، بعدما اثبتت التجارب ان لا مجال لاستمرارها جراء تخبط وزرائها الى حد المناكفة الشخصية التي لا بد وان تأخذ في طريقها قرار الدولة، بعدما اصبحت قرارات مجلس الوزراء تناط مزاجيا بمن ليس في وسعه تطبيق سواه للاتفاق عليها؟

امام هكذا واقع، يصبح من الضروري القول ان الرئيس نبيه بري لا يزال مصرا على تمسكه بخطأ انتخاب الرئاسة الاولى على اساس الثلثين زائدا واحدا، مع العلم انه يعرف كما يعرف غيره ان لا مجال امام جمع مجلس النواب للانتخاب بحسب ما تقدم، الامر الذي بات يحتم صرف النظر عن الانتخابات الرئاسية.

ثمة نكتة في هذا الصدد، مفادها «تكرار الدعوة الى جلسات لانتخاب رئيس» مع العلم ان شيئا لم يتغير بالنسبة الى الاغلبية والى من ليس في وارد استخدام النصاب لمنع اكتمال عقد الجلسات، من هنا تبدو القصة الرئاسية في دوامة اللعب على الالفاظ حيث يعرف الجميع ان ثمة استحالة مادية ومعنوية امام عقد جلسة انتخابية جدية، والقصد في هذا المجال ابقاء الوضع قيد المراوحة التي تشبه الدوران في حلقة مفرغة؟

ومن الان الى حين تحديد مكمن الخطأ والصواب، لا بد من تحميل المسؤولية الى رئيس مجلس النواب، لانه سيتعرض للانتقاد اكثر من غيره بكثير، لاسيما عندما يحين اوان انكشاف العمل الحكومي المرشح حصوله في موعد اقصاه نهاية الشهر الجاري، حيث يقال صراحة في اوساط التيار الوطني ان لا مجال لانقاذ سفينة الحكومة من الغرق لاسيما ان قراراتها تكاد تشبه المواعظ السياسية، ما بدا يثير الاستغراب بين معظم وزرائها!

لذا، اصبح من الضروري التحسب السياسي في حال استقالت الحكومة وهذا ما يجب سؤال مجلس النواب عنه وتحديدا رئيسه نبيه بري الذي لا يزال يكابر لمنع تعديل مادة في الدستور يعرف سلبيات التمسك بها بلا طائل، خصوصا انه في حال استقالت الحكومة سيجد مجلس النواب من يعتب عليه من بين اركانه غير القادرين على تغيير حرف من الدستور، ومن القوانين والاعراف، وتحديدا ما يقال عن الاغلبية النيابية التي تعاني جراء ارتباطها  بالانتخابات الرئاسية؟

السؤال المطروح: الى اي مدى يمكن لمجلس النواب الاستمرار على ما هو عليه من غير حاجة الى المكابرة التي باتت تشكل عبئا يطاول الجميع بلا استثناء. والقصد بلا استثناء هنا هم الذين يصرون على ان رئيس تكتل التغيير والاصلاح  العماد المتقاعد ميشال عون لا يزال المرشح القائل انه او لا احد، مع العلم ان الترشيح شيء وانتخابه شيء اخر، بما في ذلك «شيء الاستحالة» التي من الواجب استيعابها من الاخر؟!

المهم في هذا السياق ان يفهم اللبنانيون جميع اللبنانيين اللعبة التي تمارس عليهم لعدم انتخاب رئيس للجمهورية على طريقة شاء من شاء وابى من ابى، طالما ان الاساس في العملية الانتخابية يتطلب ما ليس بوسع اي كان تأمينه، شرط اقتناع «عون او لا احد» بان الرئاسة اصبحت بعيدة عنه اكثر من بعده عنها (…)