Site icon IMLebanon

الرئاسة تنتظر الحرب في سوريا؟

جاءت الجلسة الخامسة والثلاثون لانتخاب رئيس جديد للجمهورية على نحو سابقاتها، إذ أدت مقاطعة نواب ٨ آذار بمن فيهم مرشحاها المدعومان من أكبر أحزاب قوى ١٤ آذار، “تيار المستقبل” و”القوات اللبنانية”، إلى عدم اكتمال النصاب، وبالتالي عينت جلسة مقبلة مطلع آذار المقبل. ويطرح الفشل الجديد في إتمام الاستحقاق الرئاسي سؤالا حقيقيا عن السبب الذي يحدو بـ”حزب الله” الذي يقود قوى ٨ آذار الى عدم حسم الموضوع والقبول بالنزول الى مجلس النواب لانتخاب واحد من ثلاثة مرشحين، ولينجح من ينجح على ما قال رئيس مجلس النواب نبيه بري أخيراً، متخوفاً من فوات فرصة “قطف” ثمرة رئاسة الجمهورية. فبعيداً عن خطاب “حزب الله” الممجوج عن “الاخلاق” في السياسة والتزام تأييد الجنرال ميشال عون، نسأل ما المانع من النزول الى مجلس النواب لانتخاب رئيس من بين ثلاثة مرشحين، وخصوصا ان الفائز، مع تسليم كل من “تيار المستقبل” و”القوات اللبنانية”، لا بد أن يكون أحد مرشحي الحزب وحلفائه الاقليميين، اي الجنرال ميشال عون والنائب سليمان فرنجيه. أكثر من تفسير لـ”تباطؤ” “حزب الله” واسترخائه في موضوع حسم الخيار الرئاسي: الاول أنه بعدما ارتاح الى تسليم أكبر القوى الحزبية في ١٤ آذار بحصر الترشيح بمرشح من ٨ آذار، يرى أن الحكمة من استخدام عامل الوقت في مرحلة ينتظر فيها تحقق نتائج “ايجابية” في الحرب الدائرة في سوريا تسهل له في المستقبل القريب بتعزيز ما يعتبره “انتصاراً” سياسياً تاماً في لبنان، ليس فقط عبر انتخاب رئيس للجمهورية من صفوفه، بل بما يتعداه الى فرض “صيغة” سياسية جديدة في المعادلة الحكومية رئيسا وتشكيلا. بناء عليه، يريد الحزب ليس فقط قبض “جائزة اللوتو” بمرشح واحد، بل قبض كل الجوائز!

التفسير الآخر أن “حزب الله” يرى أن انتخاب الجنرال عون رئيساً لا يبخس حق “نور العين”، أي مرشحه الآخر سليمان فرنجيه، بل إن الإتيان بعون اليوم، وهو في سن متقدمة نسبيا، قد يمنحه صدقية مسيحية بعدما استحصل الاخير على تأييد أكبر خصومه، “القوات اللبنانية”، ولن يحرمه إيصال مرشحه الثاني مستقبلا، وربما قبل انقضاء ولاية عون المتقدم في السن.

التفسير الثالث أن “حزب الله” يدعم عون قولا، وفرنجيه فعلا، وبالتالي فهو يمرر الوقت في انتظار أن ييأس عون من الانتظار، ويقبل بفرنجيه لكونه لا يمثل تهديداً فعلياً لزعامته الراسخة في جبل لبنان، والمنتشرة خارجه ايضا.

أكثر من تفسير، لكن القاسم المشترك بينها هو أن “حزب الله” انتزع صفة الناخب الاكبر في البلد بعدما سلم له خصومه بهذه القدرة، وذهبوا الى لعبة الاختيار بين مرشحي “حزب الله” ومن خلفه حلفاؤه الاقليميون. لكن يبقى ان نعرف اين يتجه الوضع في سوريا، ولا سيما ان التصعيد الكبير الاخير لمحور موسكو – طهران لم تبدأ مواجهته الفعلية على الارض من المحور المقابل الذي تتزعمه السعودية وتركيا، وسط غياب وتواطؤ اميركي مع موسكو. كما أنه ينبغي معرفة مصير التهدئة في الساحة اللبنانية في الوقت الذي تشتعل فيه جميع جبهات المنطقة على نحو غير مسبوق!