السؤال المطروح: هل تسرَّع وزيز المال السابق بقبول الترشيح لمنع جعجع وباسيل من التخلي لاحقاًَ عنه؟
ماذا تعني الهجمة الشرسة، لحزب الله وحليفه رئيس المجلس النيابي نبيه بري، ضد توافق المعارضة والتيار العوني على ترشيح الوزير السابق جهاد ازعور للرئاسة؟
تذرع بري بعدم وجود مرشح رئاسي جديّ للمسيحيين، كما قال في تصريح علني، ليتهرب من مسؤوليته الدستورية في الدعوة لتحديد موعد جلسة الانتخاب، بعدما اعتبر مع حليفه حزب الله بأن مرشح المعارضة النائب ميشال معوض، مرشح تحدٍ واستفزاز لفريقه، ويجب استبعاده، لان المرحلة تتطلب رئيسا، يحظى بتوافق وقبول من فريقهما وفريق المعارضة، كما كانا يدعيان، وفي الوقت نفسه، يتشبثان بترشيح فرنجية، لانه في نظرهما يجسد المواصفات التي حددادها بالمرشح الرئاسي المطلوب، لتكريس هيمنتهما الفاقعة على الدولة اللبنانية وتأمين مصالحهما الاقليمية، بالرغم من الرفض القاطع للمعارضة لهذا الترشح، واعتباره محاولة لفرض مرشح رئاسي عليهم، لتكرار تجربة الاتيان بميشال عون الكارثية بكل معنى الكلمة.
كان حزب الله وحليفه بري، يراهنان على استمرار زخم المبادرة الفرنسية التي تطرح ترشيح فرنجية للرئاسة الاولى والقاضي نواف سلام لرئاسة الحكومة، للتشبث بترشيح فرنجية الى جانب أمرين أساسيين، والاستمرار بالتلكؤ في دعوة المجلس النيابي لجلسة انتخاب جديدة، تلحُّ المعارضة على عقدها، اولهما محاولة استقطاب العدد اللازم من النواب المحيّرين، الممكن اجتذابهم الى صفوفهما، والمراهنة على إقناع وليد جنبلاط وكتلته النيابية بالانضمام اليهما، انطلاقا من العلاقة الجيدة بينه وبين بري، والامر الثاني، اقناع رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، بالعودة عن قراره بمعارضة انتخاب فرنجية، وعدم الانضمام إلى اتفاق ظرفي مع المعارضة وعلى رأسها، رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، من خلال ابتداع صيغة مقبولة، توفر له حفظ ماء الوجه، ومغريات مضمونة له ولتياره في حال نجحت عملية انتخاب رئيس تيار المردة للرئاسة.
فوجىء الثنائي الشيعي، بالانقلاب المسيحي وبدعم من البطريرك الماروني بشارة الراعي، على المبادرة الفرنسية، بتحرك قاده تجاه الفاتيكان ومع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون شخصيا، ما حرمه دعما قويا للتشبث بترشيح فرنجية، كان يعوّل عليه، ويؤمل منه أن يؤدي في النهاية إلى الحصول على دعم دول اللقاءالخماسي وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية لانتخاب رئيس تيار المردة للرئاسة.
وحصل بعد ذلك الاتفاق بين مكونات المعارضة وحليف حزب الله السابق جبران باسيل، على ترشيح ازعور، متجاوزين حزازتهما، واتهامات الفساد وخلافاتهما السابقة المستحكمة، لاسيما بين القوات ورئيس التيارالوطني الحر، وهو ما كان يراهن عليه الثنائي الشيعي، لعدم حصوله حتى اللحظة الاخيرة، في حين ظهر بوضوح ان مؤيدي ترشيح ازعور، استغلا هذا التلاقي، ومحاولا كل منهما توظيف هذا الاتفاق الظرفي بامتياز، لاسقاط مرشح الثنائي الشيعي سليمان فرنجية، دون الاتفاق على المرحلة المقبلة، بعد تحقيق هذا الهدف المشترك فيما بينهما.
وما زاد الطين بلّة، إعلان اللقاء الديمقراطي النيابي، تأييد ترشيح ازعور للرئاسة، معتبرا انه لا يشكل تحديا لاحد، بعدما كان وليد جنبلاط قد طرح اسمه كمرشح تسوية يتلاقى عليه كل الاطراف المختلفين، الامر الذي أضعف مؤيدي ترشيح فرنجية، واعطى زخما لترشيح ازعور، ووضع الثنائي الشيعي امام مأزق، اصبح من الصعب تخطيه، بالتهديد وتشويه صورة مؤيدي ترشيح ازعور وفي مقدمتهم، جنبلاط وباسيل.
جلسة الأربعاء سترسم التوازنات ومخاوف من تعطيل متعمَّد للإنتخابات الرئاسية
جلسة غد الأربعاء الانتخابية، سترسم التوازنات السياسية اذا انعقدت ولم يتجه الثنائي الشيعي، الى تعطيلها لعدم انكشاف حجمه السياسي، بعيدا عن جعجعة سلاح حزب الله، الذي يهول به لترهيب خصومه في الاستحقاقات الدستورية المهمة والمحطات المفصلية، بالرغم من محاذير ومخاطر تكرار هذه الممارسات الترهيبية بالسلاح في الوقت الحاضر، في حين تظهر حملات الاستهداف المنظم لمرشح المعارضة وتشويه صورته السياسية، والترويج زورا لتهم التبعية للولايات المتحدة الأميركية من خلال مسؤولياته في صندوق النقد الدولي، حجم المأزق الذي يتخبط فيه حزب الله وحلفاؤه، واصرارهم على عدم الاعتراف، بالواقع السياسي الجديد، ما يعني إطالة امد التعطيل المتعمد للانتخابات الرئاسية الى وقت غير معلوم، بينما يطرح مصير ازعور بعد انتهاء جلسة الانتخاب على المحك، وما إذا كان تسرع بقبول الترشح، في ظل الانقسام السياسي الحاد، بمعزل عن الحصول على الحد الادنى من توافق كل الاطراف السياسيين، وأن لا يكون قد تم توظيف ترشحه، من قبل جعجع وباسيل تحديدا، لتحقيق مصالحهما الشخصية، من دون دفع عملي لمسار الانتخابات الرئاسية قدما الى الامام؟