IMLebanon

جلسة الخميس لن تحمل أي مفاجآت وستثبِّت الفراغ لأسابيع وربما لأشهر

 

ميزان القوى الموجود في البرلمان يمنع على أي فريق التفرُّد بحسم المعركة الرئاسية

 

 

نتيجة واحدة ستتمخَّض عن الجلسة المخصصة لانتخاب رئيس للجمهورية الخميس، وهي انها ستثبِّت الفراغ أياماً وأسابيع وربما أشهراً إضافية في قصر بعبدا في ظل انسداد الافق الداخلي وغياب أي مشاورات أو لقاءات جدية لتقريب المسافات بين القوى السياسية وصولاً للتفاهم على اسم شخصية توافقية غير استفزازية يمكن ان تكون محط  قبول في الداخل والخارج لتولي رئاسة الجمهورية، هذا اضافة الى استمرار اغلاق النوافذ الخارجية عن لبنان بسبب انشغالات الدول المعنية بالملف اللبناني بالتطورات الدراماتيكية التي تحصل في المنطقة طولاً وعرضاً بدءاً من الحرب الروسية – الاوكرانية، مروراً بترقب نتائج الانتخابات النصفية في الولايات المتحدة الاميركية، وصولاً الى ما يمكن أن تترك عودة اليمين المتطرف الى الحكم في اسرائيل من تداعيات خصوصاً على الوضع اللبناني وفي مقدمته مصير اتفاق ترسيم الحدود البحرية.

 

مما لا شك فيه أن من وقف حجر عثرة في وجه الدعوة التي كان رئيس مجلس النواب نبيه بري بصدد اطلاقها لفتح قنوات التواصل بين القوى السياسية بغية التفاهم على شخصية توافقية لتولي سدة الرئاسة قد ارتكبوا خطأ فادحاًً عندما «قوطبوا» على هذه الدعوة بوضع شروط تعجيزية فاجأت رئيس المجلس لا بل استفزته وجعلته يتراجع عن هذه الخطوة من دون أن يغلق الباب امام أي فرصة توفيقية لاخراج الاستحقاق الرئاسي من عنق الانقسام السياسي الذي يزيد في كل يوم الوضع اللبناني تأزماً على كل الصعد.

والمفاجئة الكبيرة جاءت من بكركي حيث سأل البطريرك بشارة الراعي قبل يومين من وضع «التيار الحر» و«القوات» حجر العثرة أمام رغبة رئيس المجلس فتح باب الحوار عن معنى هذا الحوار وهو اعتبره لزوم ما لا يلزم مما شجع الأفرقاء المسيحيين عن قصد أو غير قصد على اتخاذ موقف سلبي من خطوة الرئيس بري التي كانت تعتبر بصيص الامل الوحيد على مستوى الداخل اللبناني الذي من خلاله يمكن انفاذ وفتح ثغرة في جدار الازمة التي على ما يبدو معقدة الى أبعد الحدود.

وقد تمنى عدد لا بأس به من النواب وآخرون من خارج الندوة البرلمانية على الرئيس بري الاستعاضة عن طاولة الحوار بلقاءات تشاورية ثنائية أو من خلال كل كتلة نيابية على حدة، غير ان رئيس المجلس الى الآن لم يُعطِ رأيه لا سلباً ولا ايجاباً، وهو الذي يرغب بأن تحصل الانتخابات الرئاسية اليوم قبل الغد، لما ضمنوا لهذا الموضوع من تأثير على الواقع اللبناني من مختلف جوانبه في ظل الارباكات الحاصلة في أكثر من مكان في المنطقة.

ومن يعرف الرئيس بري يدرك أن هذا الرجل لا يتقاعس ولو لبرهة عما يمليه عليه واجبه الوطني، وهو ازاء ذلك ربما يخرج من جيبه في القريب العاجل بادرة ما من شأنها أن تحقق غايته في أن يستطيع تسويق صيغة معينة تتوافق عليها الكتل النيابية وتكون حجر أساس لولوج الاستحقاق الرئاسي بشخصية لا تستفز أحداً، ويُنتخب رئيس للجمهورية في أقرب فرصة، سيما وأن رئيس المجلس لا يُخفي بأن لبنان لا يستطيع أن يتحمل الازمات الموجودة لأكثر من أسابيع، وهو جاهر في ذلك امام مجلس نقابة الصحافة الذي التقاه أمس الاول.

وفي هذا السياق يؤكد مصدر وزاري صعوبة حصول خرق في قت قريب في جدار الازمة الرئاسية، مشيراً الى انه على يقين بأن الوضع اللبناني سيبقى يدور في حلقة مفرغة وأن الخوف يتملَّكه من أن يؤدي الاخفاق الداخلي في اخراج الاستحقاق الرئاسي من حالة المراوحة الى أخذ البلاد الى المزيد من الانهيارات المالية والاقتصادية والمعيشية.

وتنفي المصادر ما يقال عن قرب انضاج الطبخة الرئاسية من خلال تسوية ما بين الأفرقاء الاساسيين الفاعلين بالملف الرئاسي، معتبرة أن ما يقال بهذا الخصوص يدخل في اطار المناورة ونصب الكمائن، لأن الجميع في لبنان يعرف ان هناك استحالة للتوافق على رئيس للجمهورية في ظل الانقسام الحاصل من دون وجود رافعة اقليمية ودولية، وهذه الرافعة ما تزال غير متوافرة كون أن الظروف غير مهيأة بعد لدخول المجتمع الدولي على خط الانتخابات الرئاسية، لافتاً الى ان الاهتمام الدولي منصبٌّ الآن على ضرورة قيام الحكومة بإصلاحات من شأنها أن تعيد لبنان الى دائرة الاهتمام الدولي، وهذا الأمر سمعه رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي من الأمينة العامة لصندوق النقد الدولي التي التقاها في شرم الشيخ حيث كانت واضحة تماماً حيال هذا الأمر. واذا كانت جلسة الخميس لن تحمل أية مفاجأة يمكن التعويل عليها في تعبيد الطريق لإيصال شخصية توافقية الى قصر بعبدا، لأسباب باتت معلومة وهي أن ميزان القوى الموجود تحت قبة البرلمان يستحيل أن ينتج تفاهمات، وفي الوقت ذاته يجعل من التفرد في حسم المعركة لصالح أي فريق من سابع المستحيلات، من هنا فإن التعويل اليوم على الدول الفاعلة لإخراج هذا الاستحقاق من عنق الانقسامات، موضحة بأن التحركات الدبلوماسية الخجولة التي نراها بين الحين والآخر لسفراء أجانب لم تصل بعد الى حدود الاهتمام المؤثر، وأن هذا التحرك ما زال في اطار استخراج رأي القوى السياسية، من دون أن يكون لهؤلاء أية طروحات أو مواقف محددة.

وحيال هذا المشهد، فإن المسرحية التي يشهدها مجلس النواب والتي سيبقى يشهدها في كل اسبوع مرة ستبقى الى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً.

حسين زلغوط