IMLebanon

«فرنجية» القريب البعيد عن كرسي الرئاسة… 

 

 

منذ أن غادر الرئيس ميشال عون قصر بعبدا وبدأت المعركة الرئاسية بتعقيداتها وصعوباتها واختلافاتها وخلافاتها، قيل ان الأمور ستتفاقم وسترتفع حدة الخطاب التصعيدي بشكل كبير الى حين أن يأتي موعد انتخاب رئيس للجمهورية. وما نشهده اليوم يؤكد أن كل ما قيل سابقاً يُطبَّق حالياً على أرض الواقع، صحيح أن المواضيع الخلافية كثيرة إلا أن مرجعية التصعيد والحِدَّة بالتعاطي مع الملفات خلفيتها واحدة ألا وهي عدم الاتفاق على رئيس للبلاد…

 

من الواضح أن الانتخابات الرئاسية بشقيْها الخارجي والداخلي لم تُمسِك بطرف الخيط حتى الآن الذي يُوصل الى إنجاز الإستحقاق، فلا الاتفاق الإيراني-السعودي الذي كان يُعوَّل عليه استطاع حسم الموقف الخارجي ولا الموقف الداخلي استطاع فهمه حتى اللحظة لذا نرى هذا التخبّط في التصريحات والمواقف.

 

وسط هذا الجو الضبابي في المشهدين وعدم الجدية بطرح الأسماء الرئاسية بأغلبها يبقى المرشح المدعوم جدياً من الثنائي الشيعي رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، لذا تلقائياً عندما حصلت التغيّرات الخارجية وبدأ السؤال: كيف يُمكن أن تنعكس على الداخل!! بدأ الحديث عن أنها تصب بمصلحته وأن التسوية ستقع عليه إلا أن التطورات الداخلية والإستمرار بالتصعيد وبمواقف الرفض له مسيحياً بالأخص أعادت الصورة الى الوراء بحيث تساوت السلبية والإيجابية التي تتمحور حول إسمه…

 

فلنبدأ بالإنعكاس السلبي على فرنجية، بحيث وجهة النظر هذه تَعتبر أن الذي حصل في البلد مؤخراً من انقسام أخذ ببُعده طابعاً طائفياً الى حد بعيد، هو بشكل عام ليس لصالح البلد باعتبار أن شد العصب الطائفي يتم من قِبل المسؤولين عندما يشعرون بالعجز عن تحقيق مصالحهم فيلجأون لهذا الأسلوب، أما فيما يتعلّق بفرنجية شخصياً وبما أنه مرفوض من القوى الوازنة مسيحياً تَعزّز موقفهم بعد عدم اتخاذه موقف من الجدل الأخير الذي حصل حول «الساعة» والذي اعتبره البعض أنه مراعاة لحليفه الرئيس نبيه بري وأن ما حصل نموذج عن ما يمكن أن يحصل مستقبلاً بحال وصل للرئاسة أي أن يسير بالقرار الذي يتّخذه رئيسيْ مجلس النواب والحكومة دون أي اعتراض، بمعنى أن ما قيل عن أسباب الإعتراض سابقاً ظهر قبل الوصول الى قصر بعبدا، فكيف عندما يصل؟! لذا كانت النتيجة أن المسيحيين اصطفوا ضدّه وتصلّبوا أكثر برفضه بعد الجدل الأخير بموقف الى حد ما يتطابق مع موقف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط لكن أقل حِدَّة وبما أن عنوان معركته هي التوافق فهذا يُقلل من حظوظه الرئاسية، إلا إذا حصل تحوُّل خارجي لصالحه غيّر مواقف داخلية، وحتى هذا الإحتمال، هناك مَن ذهب بعيداً باعتباره أن الإتفاق الإيراني-السعودي أطاح بفرنجية وأن المملكة يستحيل أن تقبل به وأن الأمور ذاهبة باتجاه طرح اسم جديد للرئاسة يتم الإعلان عنه عندما تتم التسوية بين الخارج والداخل حيث هناك مَن هو شريك بالقرار وهناك مَن يُسقَط عليه القرار.

 

أما لجهة الإنعكاس الإيجابي على فرنجية من الآن، فوجهة النظر هذه تَعتبر أن التسوية سترسو عليه بحيث أن مواقف الدول الخارجية المؤثِّرة في هذا الملف لا ترفضه، فالولايات المتحدة ليس لديها مشكلة في التعامل معه والسعودية التي حاولت فرنسا معها كثيراً، فإمكانية قبولها مرتبطة بما تحصل عليه في اليمن باعتبار هذا الملف أولوية بالنسبة لها قبل الانتقال الى الملف اللبناني، لكن التقدّم في الملف اليمني بطيء لذا نرى الموقف السعودي «ضبابي» حول اسم رئيس تيار المردة، ولذا نرى معظم الأطراف اللبنانية بحالة انتظار بوقت يستمر الثنائي الشيعي بالدعوة للحوار إلا أن عند الأحزاب المسيحية لا يوجد أُفق للقائهم وإمكانية تحاورهم حتى فيما بينهم فكيف إتفاقهم!! وهذا ما يُضعِف موقفهم وممكن أن يدفع بالخارج الى تخييرهم. فمن جهة الأميركي ممكن أن يضغط عليهم ليكونوا ضمن التسوية التي تُحافِظ على دورهم في المستقبل، ومن جهة السعودي بحال قبوله يضغط على جزء منهم ليغيّروا موقفهم وبذلك يتأمّن الغطاء المسيحي لفرنجية، أما جنبلاط الذي يحاول أن يلعب دور»بيضة القبان» كعادته بحيث أن أينما يكون يُحدِث فرقاً ويُرجِّح الكفة، فهو حالياً غير مُتفِق مع فريق ١٤ اذار ويقترب من الحوار مع فريق ٨ اذار وبالتالي فهو من الممكن أن يُعدِّل موقفه من فرنجية.

 

وبظل الأخذ والرد وجمود المواقف بتأرجحها، جاءت دعوة فرنجية الى فرنسا بعد أن عاد جنبلاط منها والتي سبقها الاتصال الفرنسي-السعودي، والتي تُعتبر حتى اللحظة أيضاً وقبل معرفة نتائجها أنها تحمل وجهين أيضاً إما إبلاغه بتقدّم حظوظه أو تراجعها…

 

من هنا يمكننا القول إن وجهتي النظر المطروحتين قابلتان لأن تُصبحا واقعاً، فكلاهما تحملان عوامل تطبيقهما، فأي تغيُّر يُرجِّح كفة اتجاه دون الاخرى، ففرنجية بعيد بنفس قربه من كرسي الرئاسة وأي تغيُّر ممكن أن يُقرِّبه أو يُبعده عنها، إلا أن بظل هذه المرحلة التي تحسمها المتغيّرات، يبقى الثابت الوحيد فيها والقاطع هو قبول حزب الله بالرئيس الذي سيصل الى قصر بعبدا…