IMLebanon

الرئاسة بين صخب المواقف  والنار الهادئة

أحد المخضرمين في السياسة اللبنانية وفي استحقاقاتها الرئاسية، علَّق على ما يجري بالقول:

يجب منح جائزة لمَن يعرف حقيقةً كيف تجري الرياح الرئاسية، بعيداً عن الطرفين المرشحين فالكل متطوعون، يرمون أخباراً في السوق الرئاسية ولم يعُد يُعرَف الخبر الصحيح، من الخبر المناور، من الخبر المدسوس، من الخبر الملغوم، وقد وصلت العنجهية اللبنانية إلى حد تقويل الدول كلاماً ربما قالته وربما لم تقله، فهذا يتكلم بإسم أميركا أو ينقل عنها كلاماً، وذاك ينقل عن فرنسا، وآخر ينقل عن هذه الدولة العربية أو تلك أو هذه الدولة الإقليمية.

في ظلِّ هذه المعمعة، هل بالإمكان فرز الخيط الأبيض، للأخبار الصحيحة، من الخيط الأسود للأخبار المدسوسة؟

وهل بالإمكان معرفة الغث من السمين؟

بداية لا بد من الإعتراف بأنَّ العملية ليست سهلة على الإطلاق، فجدار الفصل بين الحقيقة والمناورة لم يعد موجوداً، ومع ذلك لا بد من الإستكشاف للإكتشاف وكذلك بالإمكان المعرفة، فماذا في الحقائق التي تحمل منسوباً مقبولاً ومطلوباً من الصدقية؟

في الميدان مرشحان:

رئيس تيار المردة الوزير سليمان فرنجيه ورئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون. المواقف المعلنة المؤيدة للوزير فرنجيه بات بالإمكان الحديث عنها والإشارة إليها، فمن الدول العربية الفاعلة والمعنية بالملف الرئاسي اللبناني، تأتي في الطليعة المملكة العربية السعودية وسوريا. أما من الدول الغربية المعنية، ففي المقدِّمة الولايات المتحدة الأميركية، كما أنَّ فرنسا ليست بعيدة.

في المقابل فإنَّ البوانتاج العربي والإقليمي والدولي للعماد ميشال عون يشير إلى أنه لا يحظى بتأييد بعض الدول التي تؤيد الوزير فرنجيه، فيما يحظى بتأييد بعضها الآخر:

فبالنسبة إلى الدول العربية فإنَّ سوريا تؤيده ولكن بالمقدار ذاته الذي تؤيد فيه الوزير فرنجيه. أما الموقف السعودي فيبدو أنَّه يميل إلى الوزير سليمان فرنجيه، فهذا الموقف تعاطى بارتياح مع ترشيح فرنجيه فيما تعاطى بنقزة مع ترشيح عون على حد ما نشر واضحاً في الإعلام اللبناني.

إذا كان هذا جزءاً من البوانتاج العربي والدولي في ما يخص المرشحين الجديين ميشال عون وسليمان فرنجيه، فماذا عن تحديث البوانتاج الداخلي:

بعد كتلة المستقبل، يبدو أنَّ كتلة الرئيس نبيه بري تميل الى التريث وكذلك كتلة النائب جنبلاط التي تقف على مسافة واحدة من فرنجيه وعون من خلال البيان الذي صدر عن اللقاء الديمقراطي التي استمر في تسمية هنري حلو مرشحا للرئاسة، هذا الموقف يعكس موقفا جنبلاطيا الى التريث. اما النواب المنفردون فإنهم يميلون إلى تأييد الوزير فرنجيه، ووفق هذا التحديث للبوانتاج، فإنَّ أيَّ جلسةٍ إنتخابية بين عون وفرنجيه ستؤدي إلى إنتخاب فرنجيه.

ومن الناحية الأخرى أوساط العماد عون تقول إنَّ الأمر الوحيد المحسوم أنَّ العماد عون حسب مصادر مقربة منه لن ينزل إلى الجلسة مع كتلته إن لم يكن يضمن فوزه تاركاً لحليفه أن يُقنع فرنجيه بالإنسحاب له وهذا من أصعب المحاولات للذين يعرفون تماماً شخصية الوزير فرنجيه.

لكن السؤال الكبير هو:

كيف سيتعاطى حزب الله مع هذا الموقف؟

بمعنى آخر، ليس من مصلحته أن يخسر أحد المرشحين طالما يستطيع أن يحافظ على المرشحين الإثنين، لذا صرح مراراً بأنه سيصوت لمصلحة العماد عون، أيّا تكن النتائج.

تأسيساً على كل ما تقدَّم فإن إنتخابات الرئاسة على مواقف صاخبة ونار هادئة في آن… صحيح أنَّه يحقُّ للبنانيين أن يكونوا متلهفين، ولكن مَن انتظر من 25 أيار 2014، بإمكانه الإنتظار أسابيع قليلة أخرى…