IMLebanon

طبق الافطار الرئاسي

يبدو ان الخبز والملح اللذين اجتمع القوم حولهما في الافطار الرمضاني الرئاسي أمس، كانت لهما مفاعيل ايجابية مباشرة وضمنية، على الواقع الانتخابي المتعثر، تمثلت بالضوء الأخضر الذي أطلقه الرئيس ميشال عون في خطاب المناسبة، الذي تخطى العناوين العريضة والمبادئ العامة الى تفاصيل محدّدة بدءا من الافراج عن الدورة الاستثنائية لمجلس النواب.

ويظهر ان القناعة تكوّنت بضرورة فصل الدورة الاستثنائية، الضامنة لحماية المجلس النيابي من السقوط في هاوية الفراغ، عن الجدليات الانتخابية التفصيلية، والتي جديدها، طرح التيار الوطني الحر، صاحب نظرية تأهيل المرشحين طائفيا، المصروف النظر عنها، فكرة تأهيل اللوائح الانتخابية، باشتراط اعتبار اللائحة التي تحصل على عشرة بالمئة من الأصوات، مؤهلة. وهذا الطرح قوبل بالتساؤل، عما يمكن أن يحصل في ما لو تنافست ثلاث لوائح أو أربع في الدائرة الواحدة، وتوزعت الأصوات الى درجة عدم حصول أي منها على الرقم المحدد، عشرة بالمئة، أو عشرين؟ بل ماذا لو نجحت واحدة من أصل الأربع لوائح أو الثلاث، فقط، في اجتياز العتبة المرسومة، هل يحق لها حصر جميع المقاعد، وبالتالي إلغاء كل الآخرين؟

هذه المستجدات، أحيت مجددا التفكير بقانون الستين، الذي تناوله الرئيس عون مؤخرا، كقانون نافذ وموجود عند الحشرة…

أما النقاط الاشكالية الأخرى، كنقل المقاعد النيابية الأربعة، أو خفض عديد المجلس الى الرقم الذي حدّده الطائف ب ١٠٨ نواب، كما يطالب الوزير جبران باسيل، أو، مطالبة الرئيس نبيه بري باضافة شهر التأجيل الذي فرضته المادة ٥٩ من الدستور على الدورة العادية للمجلس بطلب من الرئيس عون، كدين ممتاز، فهي لا زالت على جدول الكلام السياسي المفتوح، من دون فرصة متاحة للصيرورة، فنقل المقاعد النيابية الأربعة من طرابلس وبعلبك والبقاع الغربي وبيروت، اعتبرها الرئيس فؤاد السنيورة نوعا من الترانسفير غير المحتمل، وخفض عدد أعضاء المجلس من ١٢٨ الى ١٠٨ تحت عنوان تطبيق اتفاق الطائف، دونه اعتبارات محلية واقليمية، فنظام الوصاية الذي قرر هذه التوسعة النيابية، قد يكون ذهب، لكن بعض ملائكته ما زالت حاضرة… والى هؤلاء هناك قوى محلية منتفعة من هذه التوسعة، التي تخطت العرف الى النص الدستوري، ولم تعد مجرد سابقة.

أما بالنسبة الى شهر الدين المؤجل، فهو جاهز للسقوط بمرور مرسوم فتح الدورة الاستثنائية حكما، علما ان ثمة مطالعة بشأنه وشأن المادة ٥٩ من الدستور، لوزير الداخلية السابق زياد بارود، وفيها انها، رغم كون دستور لبنان للعام ١٩٢٦ مستوحى من دستور الجمهورية الفرنسية الثالثة، فان المادة ٥٩ بالذات، والتي تخص رئيس الجمهورية وحده بحق تأجيل انعقاد مجلس النواب، الى أمد لا يتجاوز شهرا واحدا، وليس له ان يفعل ذلك مرتين في الدورة الواحدة. ان هذه المادة يقول بارود، مستوحاة من الدستورين المصري والبلجيكي وليس من الدستور الفرنسي، وهو يرى بالتالي ان اللجوء الى اجتهادات خارجية يكون مقبولا اذا توافق مع الحالة المعروضة، فضلا عن أن المبادئ القانونية، ترفض الاجتهاد في معرض وجود النص…

أوساط التيار الوطني الحر أكدت بأن مرسوم فتح الدورة الاستثنائية سيصدر حتما، والنائب ابراهيم كنعان توقع ان يكون الطبق الأحلى على مائدة الافطار الرئاسية في بعبدا غروب أمس.

أما بالنسبة الى قانون الانتخاب فأمامه متّسع من الجدل حتى التاسع عشر من حزيران، بينما تشير تصريحات الوزير نهاد المشنوق بعد لقائه الرئيس عون في بعبدا، الى ان الأمور بلغت مرحلة التفاهم على فترة التمديد التقني المتراوحة بين ثلاثة أشهر وستة، والمشنوق يعتبر الثلاثة أشهر قصيرة للغاية…

يبقى ان ثمة اشارات لاحت في فضاء الانفراج الظاهر، على خط الاستحقاق الانتخابي، وفي المعطيات المتوفرة ان جهات دولية ذات حرص على لبنان، ألمحت للمعنيين بأن بئر الثقة بدأت تنضب… ويبدو ان اللبيب فهم الاشارة…