لا يتساوى من يحضر الجلسات لانتخاب رئيس للجمهورية ومن يتغيب عمداً لتعطيل النصاب، والذريعة الدائمة وغير المبررة هي ألا يسقط في فخ الآخرين، أي ألا يوقع به لانتخاب غيره. يجسد العماد ميشال عون دوماً مقولة “أنا او لا أحد”. واذا كان “التيار الوطني الحر” يجاهر بمقاطعته الجلسات دفعا للناخبين الى الاختيار بين الفراغ وعون، فإن لدى “حزب الله” اجندة مختلفة اذ يربط الاستحقاق بجملة من التطورات الاقليمية المتعلقة بالمفاوضات النووية الايرانية وبوضع النظام السوري.
ثمة مقولات يرددها سياسيون يومياً، منها ان الرئاسة حق للأكثر تمثيلا وهذه لم تكن صحيحة في تاريخ لبنان. فالرئيس ميشال سليمان لم يكن صاحب كتلة نيابية واسعة، ومثله الرئيس الياس الهراوي، والرئيس الياس سركيس، والرئيس سليمان فرنجية وغيرهم. ولم يكن رؤساء الحكومات هم الأقوى على الساحة السنية أمثال الرئيس عمر كرامي، والرئيس نجيب ميقاتي، والرئيس سليم الحص، والرئيس رشيد الصلح وغيرهم. وليس الرئيس نبيه بري الأقوى في التمثيل الشعبي الشيعي ولم يكن الرئيس حسين الحسيني كذلك. كل هذه الأسماء تبطل هذا الحق المخترع. وإذا عدنا الى عالم الأعداد أيضاً لوجدنا ان عدد النواب المسيحيين 64 نائباً كما نص الدستور، ولا نجد أكثرهم في “تكتل التغيير والاصلاح” الذي يبلغ مجمل اعضائه 27 بينهم مسلمون.
أما تسلم الأكثر تمثيلاً المواقع الرئاسية فنتج من اكثرية حقيقية كما كانت حال الرئيس سعد الحريري الذي أُسقطت حكومته على رغم تمثيله الواسع، او من توافق داخل الطائفة كما في توافق “حزب الله” و”أمل”، وهذا أمر لا ينطبق على المسيحيين المنقسمين في ما بينهم، وليتهم يتفقون يوماً فيحرجوا كل شركائهم في الوطن، ويختبروا قوتهم الحقيقية وفاعليتهم. اما والحال كما هو معلوم، وبما ان الاكثرية ليست لأي منهم، والاتفاق مغيب، فانهم يتسببون بإضعاف الدولة، وتفريغ الرئاسة من مضمونها، والتحول أدوات تخدم الغير.