يتحدّث «حزب الله» عن ثلاث مواصفات يملكها رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية تعزّز حظوظه الرئاسية: هو المرشح الرئاسي الجدي الوحيد الذي يجري التعاطي معه دولياً وإقليمياً على هذا الأساس، يملك قدرة الإنفتاح على الجميع للحوار، ويطرح للنقاش متى وصل إلى سدة الرئاسة مجموعة ملفات ملحّة.
لكن مثل هذه المواصفات على أهميتها لا تلغي الحاجة إلى شرطين أساسيين لم يتوفّرا بعد وهما مباركة السعودية لترشيحه وموافقة مسيحية تؤمّن له تأييد كتلة نيابية مسيحية من الكتلتين الأساسيتين في المجلس النيابي. غياب هذين الشرطين يبقي حظوظ فرنجية متأرجحة ما بين الممكن والمستحيل. بعيداً عن التسريبات التي يحاكي بعضها الأمنيات أكثر من الوقائع، يؤكد المعنيون بالملف الرئاسي والمطّلعون عن قرب على تفاصيله أنّ المراوحة لا تزال تحكمه. والسبب هو ذاته، غياب موقف سعودي واضح حيال فرنجية والبلوك المسيحي الرافض تأييده.
ورغم ذلك ثمة تفاؤل يخيّم على أجواء فرنجية والمحيطين به، عمّمه على حلفائه ناقلاً عن البطريرك الراعي أجواء إيجابية ومباركة وتأييد لترشيحه. في أعقاب لائحة المرشحين الستة عشر التي سبق وأرسلتها بكركي إلى «حزب الله» وتسلّمها نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم والتي أجاب عنها في حينه بأنّ مرشحه واحد هو سليمان فرنجية، وصلت بكركي إلى استنتاج مفاده أنّ هناك مرشحاً رئاسياً واحداً مدعوماً من عدد من الأصوات مقابل ترشيحات بالجملة للفريق الآخر ما يستوجب التعاطي معه بمسؤولية.
وعلى الأساس ذاته تتعاطى فرنسا مع ترشيح فرنجية وتسوّق له. منذ اللقاء الخماسي أعرب الجانب الفرنسي عن تأييده ترشيح قائد الجيش العماد جوزف عون قبل أن يستنتج أن حظوظه غير متوفرة، وفي الوقت الذي لا تطرح المعارضة مرشحاً متفقاً عليه، تتعاطى مع فرنجية كمرشح حقيقي يجري العمل على تحسين حظوظه جدياً. لدى الفرنسيين قناعة أنّ المرشح المقبول من «حزب الله» هو المرشح الحقيقي وأنّ معارضته أي مرشح تجعل وصوله مستحيلاً إلى القصر الرئاسي. وهي أبلغته كما سبق وأبلغت فرنجية أن السعودية لم ترفض فرنجية رفضاً قاطعاً وهي اكتفت في الإجتماع الخماسي بتحديد مواصفات الرئيس واشترطت ألا يكون محازباً. مجرّد عدم الإعتراض أو الرفض الصريح يعني في تفسير «حزب الله» أن لا موقف سعودياً سلبي من رئيس «تيار المرده». يعوّل على مناخ التسويات السائد في المنطقة والذي ألمح إليه فرنجية بقوله عقب زيارته الصرح البطريركي «يجب الالتحاق بقطار التسوية في المنطقة» وهو كلام موجّه إلى المسيحيين على وجه الخصوص.
يعتبر «حزب الله» أنّ المعارضة المسيحية لن تكون عقبة متى اقتنعت السعودية بترشيح فرنجية وحينها ستمون على حلفائها في لبنان. في مقاربته الموقف السعودي يركن «حزب الله» إلى أنه لا موقف سلبياً معلن، صحيح أنّها لم تسمّه إلى اليوم لكنها لم تعلن الحرب على ترشيحه أو تظهر موقفاً معارضاً لهذا الترشيح .
لكن المراوحة في الموقف السعودي والتشدد المسيحي يجعلان «حزب الله» يستنتج أنّ انتخاب الرئيس لن يكون في المدى المنظور، وإلى حينه هناك مرشح رئاسي جدي سيضطر الجميع للحديث معه هو فرنجية وهو المرشح القوي الوحيد والذي تعمل لأجله فرنسا، وأوكلت مهمة فتح حوار داخلي بشأنه الى رئيس مجلس النواب نبيه بري.
يستمرّ «حزب الله» في رفض البحث عن بديل عنه ويتمسّك بترشيحه ويدير معركته من بعيد لبعيد، وقد نصحه «الثنائي» بالعمل بشكل مكثف للترويج لترشيحه داخلياً وإقليمياً خاصة أن التطوّرات المتسارعة في المنطقة تصبّ لصالحه. وهو يؤكّد أنّ فرنجية يملك من الصفات ما لا يملكها أي مرشح غيره حتى اليوم: يقف على مسافة واحدة من الجميع وبإمكانه إذا انتخب رئيساً أن يفتح النقاش حول ملفات في غاية الحساسية، وأن يطرح عقد مؤتمر وطني للحل السياسي كمدخل للحل الإقتصادي، وأن يعالج مشكلة النازحين مع الرئيس السوري متى كانت عقبات العودة متصلة بسوريا، وأن يطرح سلاح المقاومة للنقاش بالإضافة إلى بند اللامركزية الإدارية الوارد في الطائف. ويأمل في أنّ التقارب السعودي الإيراني والسعودي السوري لا بدّ أن ينعكس على ملف الرئاسة في لبنان ويعوّل عليه، ولكن علينا أن ننتظر.