لا ينتقص الرقم 37 من أهمية المعركة التي يخوضها المرشح الرئاسي النائب ميشال معوّض، بل يضاعف أهميّتها. ليس فقط لأنّ الرقم يكشف محاولات لتحجيم هذه المعركة، بل لأنّ هوية من يسعون إلى تحجيمها، أوضح من أن تختبئ وراء نائب من هنا أو آخر من هناك، قرّروا لأسباب شخصية أو هامشية، ألّا يدلوا بأصواتهم لمرشح المعارضة أو للمعارضة التي رشّحته.
قبل الجلسة السابقة التي أفرزت النتيجة غير المفاجئة، سُجّلت اتصالات على أكثر من محور لمحاولة سرقة عدد من الأصوات من مجموع النواب الذين يصوّتون لمعوّض أسبوعياً. أحد النواب السنّة الذين يتناغمون مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ومن وراءه، وهو النائب نبيل بدر، خرج بمبادرة ادّعى أنّها تمثّل مجموعة نواب “الاعتدال”، مفادها أنّ المطلوب الانتقال إلى “الخطة باء” أي إلى الاستعاضة عن ترشيح معوّض، بمرشّح يستطيع نيل عدد أكبر من الأصوات. تبيّن في ما بعد بالأرقام والوقائع أنّها مبادرة فردية، ولا تمثّل زملاءه نواب “الاعتدال”، وتبيّن أنّ الاسم الذي يطرحه بديلاً لمعوّض، سيربح أصواتاً لا تزيد عن عدد الأصابع الخمسة، وسيخسر في الوقت نفسه ما يفوق الـ15 صوتاً، وتبعاً لذلك سيخسر مرشح المعارضة المفترض أن ينال فوق الستين صوتاً، أصواتاً تهبط به وبالمعارضة إلى سقف الـ25 نائباً.
بغضّ النظر عن الأهداف التي يسعى إليها النائب بدر والتي يسعى إليها من هندس له مبادرته، فإنّ مسعى ضرب ترشيح معوّض لا يزال مستمراً منذ إعلان قوى المعارضة ترشيحه، والهدف ضرب “الخطة أ” وما بعدها، بحيث يتم تثبيت بقاء ترشيح رئيس “المردة” سليمان فرنجية وحده من دون شريك له.
لهذه الأسباب ولغيرها، ضاعف معوّض إصراره على الاستمرار بالمعركة الرئاسية الى النهاية، بدءاً من بيته النيابي، أي كتلة “تجدد” التي تتمسّك اليوم أكثر من أي وقت مضى بترشيح عضوها المؤسس، الذي يحظى في الوقت نفسه، وأيضاً أكثر من أي وقت مضى، بدعم كتل “الكتائب” و”القوات” و”الاشتراكي”، التي صوّتت له بالإجماع في بوانتاج الـ37 تأكيداً على الاستمرار بالمعركة، حتى تحقيق الأهداف التي من أجلها تمّ هذا الترشيح.
ستكون نتائج الاختبار الجديد بعد غد الخميس معروفة. مهما علا أو انخفض الرقم فسيبقى معوّض مرشحاً دائماً للرئاسة، مرشحاً بالتنسيق بين كتلة “تجدد” والكتل الحليفة والداعمة، ولن تؤثر محاولات التذاكي على هذا النائب أو ذاك، إلّا بتخفيض عدديّ يمكن تعويضه بسرعة، لكن جوهر المعركة المتفق عليه بين قوى المعارضة سيبقى ثابتاً، وتساعد مواصفات معوّض في تثبيت هذه المعركة على أسس واضحة، فهو مرشح مشروع سيادي وإصلاحي، وليس هاوياً لتجميع أصوات، وعلى الرغم من ذلك فإنّ بعض فذلكات نواب “التغيير” أو النواب الآخرين، التي تتذرّع بأن معوّض يمكن لو انسحب لغيره أن يؤمّن رفع أصوات المرشح الآخر، تبدو ساقطة حسابياً بالدليل القاطع لاحتساب الأصوات، فضلاً عن سقوطها السياسي الذي يتوهّم أن “حزب الله” يتعامل مع الاستحقاق الرئاسي بمنطق الآلة الحاسبة أو الجمعية الخيرية.