تتوالى الاجتماعات بين نوّاب «تكتّل التغيير» وبين آخرين انضووا أخيرًا تحت إطار «لقاء النواب المعارضين». الإنتخابات الرئاسية هي الطبق الأكبر وربما الوحيد اليوم على طاولة هؤلاء. مقاربة الملف تكاد تكون مربكة لهم، هم الذين يقوم أداؤهم السياسي على ردود الفعل على خطوات باقي الأحزاب دون أي استراتيجية فعلية يُراد لها النجاح.
قراءة هؤلاء للاستحقاق الرئاسي تشوبها في الأساس عوائق عدة أبرزها وجود أكثر من مرشح في صفوف النواب أنفسهم، يؤمن أنّ طريقه قد تكون أسهل من غيره إلى الرئاسة. في مقدمة هؤلاء رئيس «حزب الكتائب» سامي الجميّل، الذي عمل منذ ما قبل الإنتخابات على محاولة الوصول إلى كتلة نيابية وازنة تدعم ترشّحه للرئاسة، وهو الأمر الذي لم ينجح، ونسف حظوظه بتبنّي ترشيحه. رئيس «حركة الاستقلال» ميشال معوض سعى هو الآخر للهدف عينه. وتشير أجواء النوّاب المعارضين، أنّه ماضٍ في مسألة الترشّح إلّا في حال توفّر حظوظ أعلى لأي مرشح يصفه زملاؤه بالـ«سيادي».
أمّا النائب نعمت افرام، والذي قد يكون صاحب الحظ الأوفر في تأييد المعارضين له، فتشير المعلومات أنّه ماضٍ أيضًا بمسألة ترشّحه بناءً على مشروع رئاسي هو نسخة مطوّرة عن مشروعه النيابي. أمّا النائب ميشال الدويهي عضو «تكتّل التغيير»، فيبدو أنّ مسألة ترشيحه لا تعدو كونها محاولة للتمايز أكثر عن زملائه التغييريين، الذين يلتقي معهم ببعض المواقف ويختلف بأخرى. هذا وقد يطرح نواب آخرون مسألة ترشيح أسماء من خارج المجلس النيابي أمثال الوزير السابق زياد بارود.
زحمة مرشحي الفريق الواحد هذه، تضع هذا الفريق أمام تحدٍّ كبير وهو الاتفاق على مرشح واحد دون إحداث شرخ في التجمّع القائم، وبالتالي إقناع عدد من النواب بالتنازل عن ترشيحهم، وهي مهمّة ليست بالسهلة بتاتًا.
وبعيدًا من الأسماء، أمام المعارضين تحدٍّ آخر وأساسي هو كيفية تحويل معركتهم الرئاسية إلى معركة جدّية في ظلّ عدم انضمام كتلتي «اللقاء الديمقراطي» و»الجمهورية القوية» إليهم. مصدر من داخل اللقاء يشير، أنّ التواصل مع «القوات اللبنانية» دخل مرحلة متقّدمة، وأنّ الترجيحات تشير إلى أنّ المعركة الإنتخابية سوف تُخاض مع «القوات اللبنانية» ومستقلين كفريق واحد وليس ككتل غير متفقة في المجلس النيابي. المصدر نفسه يشير أنّ جهودًا عديدة تُبذل من أجل توحيد مشهد مواجهة مرشح 8 آذار، وانّ استقبالات المرجعيات الدينية في اليومين الماضيين تصبّ في خدمة هذا الغرض.
في الواقع، تبدو معركة المعارضين والتغييريين صعبة بعض الشيء، لا سيما وأنّ مشهد الاتفاق على الغاز يلوح في الأفق، وهو ما سيستدعي اتفاقًا داخليًا سريعًا حول اسم الرئيس الجديد، ما يستبعد ترف التأخير والمماطلة.
خطةٌ باء لدى المعارضين تشير بوضوح إلى مقاطعة الجلسات الرئاسية اعتراضًا على تسوية قد تأتي بمرشح لا يوافقون عليه. هذه الخطوة والتي يدرسها النواب بجدّية عالية، قد تُنسف في لحظة توافق دولي محلي يدفع بعض أعضاء اللقاء المعارض لحضور الجلسات هربًا من مواجهة الإرادة الدولية بتسيير الإنتخابات وتمرير ما يُراد تمريره بعدها، وهنا قد تُصاب جهود العرقلة بمقتل!
يدخل لبنان اليوم الأربعاء مهلة الستّين يومًا الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، فيما لم يتفق حتى الساعة عدد ليس بقليل من النواب على توجّههم لناحية التصويت والمشاركة. فهل تكون الانتخابات الرئاسية محطة جديدة تخرج فيها خلافات واختلافات التغييريين والمعارضين إلى العلن؟