مبادرات محلية للاستحقاق الرئاسي في العام الجديد
يقفل العام ٢٠٢٢ في لبنان على شغور رئاسي وتدهور اقتصادي وواقع صحي مترنح وآخر اجتماعي متسم بالإنحدار. لم يصب لبنان سوى النكسات وهي التي كان يفترض أن تستبدل بالاصلاحات. وبات المواطن وفق هذا الواقع غارقا في أتون الأزمات من كل حدب وصوب وسط غياب الحلول والتي وإن وجدت ففعاليتها جزئية. وبالنسبة إلى كثيرين فإن المستقبل القريب غامض، وما من أحد قادر على التنبؤ بالآتي من الأيام، لا على الصعيد السياسي أو على أي صعيد آخر..
وهذا الرابط بين السياسة والاقتصاد بقدر ما هو صائب، بقدر ما يكون غير مستتب، وبفشل الإستقرار السياسي اضحى الإستقرار الإقتصادي متأثرا به تلقائيا.
وماذا يحمل العام الجديد من مبادرات للمعالجة بعدما شهدت الأعوام السابقة ولادة مشاكل متنوعة بقيت من دون هذه المعالجة؟ يحتار المرء من أي أزمة يبدأ، من الشغور أو من مضاربات سعر الصرف وارتفاعه وانعكاساته على جميع القطاعات وحياة اللبنانيين اليومية، أو من الإستشفاء وتمنيات المواطنين ألا يصيبهم مكروه أو مرض. اما من أين يبدأ الحل، فذاك موضوع متكامل يبدأ من رغبة الأفرقاء السياسيين على اختلافهم في اجتراحه وفق مبادىء مشتركة لا تمس ابدا. واذا كانت المبادرات المحلية التي تطرح أو طرحت سابقا منيت بالفشل، فإن التعويل على أخرى جديدة ليس سوى فرصة جديدة سواء اعتبرت ملهاة أو لا. وفي تقدير أوساط سياسية مطلعة أن الكلام الذي يكثر عن طرح مبادرة سواء من التيار الوطني الحر أو القوات اللبنانية في العام الجديد لن يصبح واقعا إلا حين اتمامه بشكل جدي، وتقول هذه الأوساط لصحيفة «اللواء» أن هناك استفسارا عن مضمون مبادرة النائب جبران باسيل الذي أجرى حركة مكوكية مؤخرا قيل أنها لا تتصل بالإستحقاق الإنتخابي فحسب إنما في ملفات اخرى وقبل كل ذلك العمل على تنفيس الإحتقان الذي ساد بفعل الموقف من آرائه وتوجهاته، مشيرة إلى انه لم يطلع أحدا عليها ولم يفشِ بأي تفصيل صغير عنها بإنتظار الاعلان عنها في الوقت المناسب. وتلفت الأوساط نفسها إلى أنه في لقاءاته الأخيرة ألمح إليها لكنه لم يقدمها بشكل رسمي، مع العلم أن هناك مبادرة سبق للتيار الوطني الحر أن جال بها على بعض القيادات وتتصل بأهمية التمثيل الشعبي لرئيس الجمهورية، كاشفة أنها لم تسقط ولكنها قد تعدل لتحضر في المبادرة الباسيلية.
وترى الأوساط نفسها انها الوحيدة الظاهرة أو التي كشف عنها رئيس تكتل لبنان القوي، في حين أن أية مبادرة أخرى من افرقاء مسيحيين لم تتظهَّر بعد بشكل واضح حتى وإن كان النائب ملحم الرياشي أشار إليها في حديث تلفزيوني مؤكدا أنها خطة تعلن أيضا في العام ٢٠٢٣. وتفيد ان القوات لن تبادر قبل أن تتبلور مبادرة التيار التي انطلقت التوقعات بشأنها، منها ترشيح التيار لأسماء خارج نادي المرشحين الطبيعيين، مغلقا الباب أمام دعم ترشيح رئيس تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية أو قائد الجيش العماد جوزف عون أيضا.
لكن هل يتم تبني أسماء من التيار بهدف تسويق ترشيحها للرئاسة، تقول هذه الأوساط أن النائب قد يختار أسماء من خارج التيار امثال الوزير السابق جهاد ازعور وقد لا يفرط طرحه حاليا من جهة ثانية أو يكتفي بطرح عناوين للمبادرة وإصلاح شوائب الدستور والإشارة إلى دور رئيس الجمهورية وأهمية التوافق.
اختلاط في طرق المعالجة لجهة نقطة البدء بالحل
إلى ذلك تؤكد مصادر في المعارضة لـ «اللواء» أن مبادرة باسيل المزمع إطلاقها لن تخرج عن تأكيدات سابقة له بشأن أولويات الرئيس العتيد والقول أن التيار حاضر ولا يعطل مع العلم ان محاولته إصلاح علاقته مع حلفائه وبعض الأفرقاء مكشوفة الاهداف بعد واقعه المأزوم، وتشير إلى أنه يمكن القول أن أية مبادرة لا تخدم وضع باسيل والتيار لن يعمد إلى الإعلان عنها، وتشير إلى أنه عندما تطرح يعلن الموقف منها وليس هناك من رفض مسبق إنما تحفظ على اي نقطة تحالف بعض المبادىء. وتسأل ما إذا كانت هذه المبادرة تنطوي على تعهد يتصل بإتمام الاستحقاق الانتخابي في مهلة زمنية محددة ام لا ام ان المبادرة هي حصيلة لقاءات باسيل في الداخل والخارج، وفي كل الأحوال لا بد من انتظار طرحها.
قد تكون مبادرة باسيل هي الوحيدة وقد لا تكون، وقد تجهض أو تشكل طرحا للنقاش في الوقت الضائع قبل إنجاز التفاهم الكبير على هوية رئيس الجمهورية المقبل، وفي المحصلة هي مبادرة مصيرها مرهون بالتجاوب معها أو لا.