هل الإستعراضات المعسكرة، وسرايا المعسكرات هي رسائل الى حكومة السرايا، ووليِّ وليِّ العهد الحكومي، أوْ الى ما بعد بعد الحكومة ورئيسها؟
هل هي رسائل الى من كان ذات يوم رئيس حكومة في بعبدا، وقد رصَدتْهُ الأيام ممرّاً إجبارياً لانتفاضات شعبية عند اشتداد المحن وفقدان الأمل منذ أن زحف الشعب الى القصر تحت القصف، وقد كفر بنوابه وأحزابه وحكامه، فراح يرقص يائساً بين أشداق الخطر، إما الموت وإما الحياة.
إنها خفّة المسؤولية الوطنية لدى الطبقة السياسية السائدة حيال حجم الإنهيارات وخطورة الأهوال، ما بات يرتّب على عاتق الرئيس ميشال عون من أعباء لا تقتصر على تبعات عهده، بل كأنما يُطلب منه النهوض بكل ما تراكم من إخفاقات العهود السابقة، بذريعة ما أُطلق عليه من أوصاف التعظيم كرئيس قويّ لا يُجارى.
على أنَّ الرئيس القوي، لا تتحقق قوته بالقصائد المدائح وأناشيد التمجيد، «فالنمر لا يحتاج الى الإعلان عن قوته…» كما يقول مثل نيجيري، بل إِن قدرة الرئيس تكْمن في ازدواجية متناقضة إيجابياً:
– ثقة الشعب…
– وغضب الشعب…
– ثقة الشعب: بما يتحلَّى به سيّد العهد من نزاهة وتجرد وترفّع وحكمة وحزم، وبما هو «دستور» الحاكم الشخص.
في بريطانيا حيث بلغت الديمقراطية أعلى مستوياتها، لا يقوم الحكم على دستور مكتوب، بل هي ثقة الشعب بالنظام وشخصية الحكّام واطمئنانه الى حكمتهم وعدالتهم والضمير الوطني المسؤول.
– ثانياً: غضب الشعب: على ما آلت إليه البلاد من فحشٍ، وما استشرى من فساد على أيدي السياسيين والحكام هو أيضاً ما يعزّز قبضة الرئيس القوي ميشال عون.
ثقة الناس وغضب الناس في يد الرئيس هما سيفٌ قاطع، «أصدق أَنباء من الكتب» ومن الكتاب الدستور حين تعبث به الأهواء وتستبيح حرمته بالحرام.
عندما تمَّت مبايعة الإمام علي بن أبي طالب، كان هناك من بايَعوهُ على كُرْهٍ منهم، ولما سئلوا عن سبب ذلك قالوا: خوفاً على أنفسنا من غضب الناس.
يبقى: أن الذين بايعوا العماد ميشال عون على محبة منهم أو كرْهٍ، أن يخافوا على أنفسهم من الغضب الآتي، وتهيَّبوا قدرة الرئيس ميشال عون الذي «أُرسل كموسى الى فرعون بسلطان مبين…» فإذا راح فرعون يحمل القوس والنشّاب ويطلق السهام في اتجاه السماء مستهدفاً إله موسى، فيكون في الضلال المبين انهيار قباب السماء على رؤوس الجميع، لأن الذي كان «الممر الرئاسي» لن يكون الرئيس الممر.