IMLebanon

مجلس رئاسي

بعد ثلاثة أيام تطوي ما يسمّى بحكومة المصلحة الوطنية الشمعة الأولى من عمرها، وبدلاً من أن تحتفل بإنجازاتها على مدى عام مضى، ازدادت غرقاً في إخفاقاتها، وضآلة إنتاجيتها لولا البعض منها كالتشكيلات الإدارية التي أنجزت قبل انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان.

فجلسة إطفاء الشمعة الأولى، أطاحت بها الخلافات الوزارية حول أمور أقل ما يُقال فيها أنها عادية جداً لا تحتاج إلى تلك الضجة التي أثيرت حولها أو الاعتراضات الوزارية، إذا لم يكن هناك قطبة مخفية لكي تبقى الحكومة مشلولة وأعمالها معطّلة أو معلّقة على شماعة تبادل النكايات والفيتوات بين الوزراء، بعضهم البعض لكي يظهروا شطارتهم ومواهبهم أمام مرجعياتهم التي لولاها لما كانوا أصحاب معالي ولا من يحزنون، وليس لأن القضية المطروحة يشتمّ منها رائحة كريهة تستوجب التحفّظ أو الاعتراض إلى درجة فرط الجلسة أو رفعها لتفادي ما هو أعظم، أي فرط الحكومة، لكن ذلك مستبعداً وقد يكون من رابع المستحيلات لأن كل الوزراء متمسكين بالسلطة ولا أحد منهم مستعد للتخلي عن لقب معالي الوزير ولو كانت العادة في لبنان تقضي بأن يحتفظ بهذا اللقب على مدى الحياة.

فلماذا الاعتراض مثلاً على اقتراح تعيين مجلس إدارة المنطقة الحرة في الشمال، وهل يستحق ذلك كل هذه الضجة التي أثارها أحد الوزراء من ذات الصف وهل يجب أن يبقى الشمال محروماً من أي خدمات لكي يُترك للفوضى وللعابثين بالأمن من الفقراء الذين يزدادون كل يوم بسبب هذا الحرمان لمدينة تضم ثُمن عدد سكان لبنان، ولمنطقة تحتوي على ربع عدد السكان؟

 وهل أن ترفيع موظف من الفئة الثالثة إلى الفئة .الثانية يحتاج أيضاً إلى مثل تلك الضجة التي أثيرت في مجلس الوزراء، أم أنها تدلّ على القلوب المليانة التي تبحث عن أي ثغرة لتفجير غضبها وإطلاق لسانها بدلاً من شكر صاحب المبادرة على مبادرته طالما أن الهدف هو تسيير عمل الحكومة بدلاً من وضع العراقيل لوقف دوران عجلتها؟

 ما حصل في جلسة أمس أكثر من مؤسف وهو يدل على المستوى المتدني داخل هذه الحكومة التي ولدت بعد أزمة استمرت شهوراً، لكي تغطي غياب رئيس الجمهورية وتسيّر عجلة الدولة، فإذا بها تتحوّل إلى مجلس رئاسي من 24 وزيراً لكل واحد منهم حق الفيتو ويستخدمه لشلّ عمل الحكومة وتعطيلها، حتى تحوّلت من حكومة المصلحة الوطنية الى حكومة «كل مين أيدو إلو» وفق المثل اللبناني المعروف، وتحوّلت الجلسات التي يعقدها مجلس الوزراء الى ساحة عكاظ يتبارى فيها الوزراء لتعطيل أي قرار أو اقتراح أو مشروع يشتمّ منه أن فيه فائدة عامة أو أنه يغطي عجز الحكومة وفشل أدائها بحيث انعكس سلباً على كل القطاعات، ووصل الأمر إلى درجة يمكن أن تصنّف الدولة في فئة الدول الفاشلة.

ومن المضحك المبكي أن الوزراء أنفسهم يعرفون رأي المواطن اللبناني بأدائهم السيّئ ومع ذلك يزدادون سوءاً لأن التجارب التي مرّ بها هذا البلد علّمتهم أن لا قيمة للرأي العام ما دام لا يحفظ ولا يحاسب، بل ينساق وراء غرائزه كما ينساق القطيع.