لسنا جمهوريّة، ولا حصّلنا حتى أن نكون دولة ترتقب ذهاب وإياب السّفراء الخمسة، وابتسامة هذا السفير وكلمة من سفير آخر واستقبال سفير لسفير آخر، مهزّلة مشهد السّفراء في لبنان، فيما وزير الخارجيّة يبحث عن دوره الضّائع بين كلّ هؤلاء!
مشهد السّفراء عموماً هذا يدفعنا إلى التّساؤل: ألا يدفع لبنان ثمن سياسات بلادهم ورؤسائهم؟! تعالوا نبدأ من أميركا، ألا يدفع لبنان ثمن سياسات أميركا في لبنان والمنطقة منذ العام 2005 وادّعاءات جورج بوش وكوندوليزا رايس والشرق الأوسط الجديد واندفاعها في المنطقة ولبنان ثمّ التخلّي عنه مع مجيء باراك أوباما ومخططه بتسليم المنطقة للإخوان المسلمين في مصر ومن معهم في دول المنطقة وإن تغايرت أسماءهم وتدمير معظم الدّول العربيّة، يليه دونالد ترامب وسياسة ابتزاز غير مسبوقة وإهانته لأكبر الدول العربيّة مطالباً إيّاها بالدّفع للحصول على الحماية الأميركيّة، يليه رئيس أميركي يصافح الهواء ويسلّم على الأشباح ولا يعرف الاتجاهات، جو بايدن و4 سنوات ضائعة لم يفعل فيها شيئاً ويطمح إلى تجديدها بأربع أُخر أو سيعود مجدّداً الأرعن ترامب، وسنشاهد حفلة زجل لبنانيّة مجدّداً تعتبر وصول مستشاره ـ هذا إن عاد ـ وليد فارس إلى البيت الأبيض إنتصاراً للبنان وسيتجاهل الفرحون اللبنانيّون أنّ ترامب لا يحرّك مؤخّرته من كرسي إلى آخر ما لم يُدفع له ثمن ذلك!!
أمّا في ما يخصّ فرنسا ومبعوثها المترقّب عودته قريباً، فلم تنتبه فرنسا ايمانويل ماكرون أنّ دورها قد انتهى في المنطقة كلّها وفي لبنان منذ نهاية الولاية الثانية للرئيس الراحل جاك شيراك وأنّ اللبنانيين لا ينسون متاجرة الرئيس نيكولا ساركوزي بلبنان ومواقفه المتحيّزة لإعادة دور بشّار الأسد بعد صفقة الطائرات مع قطر، ولا ضعف فرنسوا هولاند الذي لم يفعل شيئاً إلى أن “طحش” علينا أيمانويل ماكرون وغاص في الوحل اللبناني وتكاذب عليه الفرقاء اللبنانيون حتى أغرقوه في الزواريب اللبنانيّة الضيّقة!
أمّا المملكة العربيّة السعوديّة فلطالما كانت حاضرة في السياسة اللبنانيّة، لا أحد يريد أن يرجع بالتاريخ.
لقد اعتاد اللبنانيون ذهاب وإياب السفراء وتشكيل اللجان العربيّة والدوليّة وغيرها منذ العام 1975 وحتى اليوم، متى انتخب اللبنانيّون رئيساً من دون أزمة، “ولا مرّة”، وقد يقول قائل بلى، عندما انتخبنا الرئيس سليمان فرنجية الجدّ بالنّصف + 1 فنقول هذه النّصف + 1 جلبت على لبنان حرب السنتين التي انتهت بانتخاب رئيس جديد للبنان أطلقوا عليه وقتها أنّه رئيس إدارة أزمة، وحتى اليوم لا تزال الرئاسة وانتخاباتها أزمة مستمرة!